اضرب صاحبك

موضوع: اضرب صاحبك الأربعاء أكتوبر 06, 2010 11:30 pm

اضرب صاحبك

أبدأ معتذرا عما قد أسببه لك قارئي من الأسى حين انقل لك انزعاجي الشديد جراء قراءتي لتطور غير أخلاقي تسعى جهات لا أعلمها لبثه بصورة عمدية ومرتبة وفقا لبرنامج معد لتحقيق أغراض واضحة لهدم ثقافة وأخلاق هذا الوطن ، والحقيقة أنني حين سألت الأصدقاء من مثقفي بعض دول وطننا العربي الكبير عن حجم وقوة ذلك التطور وتلك الحملة ، وجدت لديهم ذلك الهاجس ، بل وأكد لي البعض منهم ( الأستاذ / عبد السلام المسماري ) المحامي والشاعر العربي القومي الكبير ، أن دولته انما تسير على نهج ما يحدث بمصر في كل شيء وأي شيء وبصورة أكثر تشويها .
الأمر الذي يؤكد بما لايدع مجالا للشك أن المسألة لاتقف عند حد شركة تقدم اعلانا "مثلا "عن سلعتها ، بل هو برنامج دولي تتعهده جهة ما لبرمجة عقولنا وأخلاقياتنا أشبه بالفيروس الذي يصيب العقل الألكتروني بالعطب ليصبح مجرد قطعة من الحديد لانفع منها .
طالعتنا احدى شركات المشروبات بحملة دعائية قوية ، لا أظن أن تلك الشركة تملك المال اللازم لتلك الحملة سيما وأن مشروبها أكثر مرارة من واقعنا الأليم ، ولا أظن أن أثر تلك الحملة يعوضها ان هي دفعت بذلك المال حقا باقبال على ذلك المشروب ، فقد كانت اعلاناتها طوال الشهر المبارك على جميع قنوات التلفاز العربية سواء أرضية أو فضائية ، لدرجة أن اعلاناتها كانت تظهر في الساعة الواحدة لأكثر من أربع مرات .
يضع الاعلان نصب عينيه وجوب تغيير شخصية الرجل المصري ، ليقول له أن الرجولة أن تشرب مشروبنا ، ثم يتطور الاعلان الى برمجة معاني الرجولة بأن تضرب صاحبك من أجل النجاة بنفسك من اعتداء الآخرين عليك ، بل تعفي صاحبك من المزيد من الضرب ، وهناك العديد من اعلانات هذا المشروب تشير الى معان أخرى أكثر بذاءة وضعة ، ولكن ذلك الاعلان استوقفني لخسة الفعل المطلوب من الرجل المصري من جهة ، ولأنه يقرر واقعا فعله حكام العرب من قبل سنوات في العراق، بل ولايزالون يمارسونه ضد حزب الله تارة ، وضد حركة فتح تارات ، وضد أهل غزة كل ساعة .
واذا أردت صديقي ايضاحا لما قلته أوضح لك أن الرجولة المصرية والعربية في ضرب الجيش العراقي مع الغزاة بحجة تحرير الكويت من المعتدي العراقي كانت تمثيلية لتحطيم أقوى قوة عربية لأجل خاطر أبناء العم !!، فان لم يكن الأمر كذلك وانما كان ( اضرب صاحبك ) لأن العراق تعدى على قرية الأمراء الصغيرة ( المسماة بالكويت ) والذي يرجع تاريخ سلخها من العراق الى سنوات قليلة ، لو أني وأنك صدقنا تلك الفرية ، فما الذي يدعو حكامنا الأماجد الى ترك الأحواز العربية في يد ايران؟
وما الذي يدعوهم الى ترك أراض مصرية وأخرى سعودية بين يدي أبناء العم ، ويتحول الصراع الايجابي على مدى التاريخ بين مصر والسعودية حيث كانت تدعي كل واحدة منهما أن تلك الجزر بالبحر الأحمر هي أراض مصرية بالنسبة للمصريين ، وهي أراض سعودية بالنسبة للسعوديين ، واذا ما احتلها أبناء العم - أحباب اليوم - تنصلت كل واحدة منها وادعت مصر أنها جزر سعودية ، كما ادعت السعودية أنها جزر مصرية ، لتكون مصر في عيون المصريين قد حررت كل شبر من أراضيها كما تدعي ، وتقول السعودية أن أحدا لايجرؤ على احتلال أراضيها !!!!!!
ولن أشير الى ما يحدث بالسودان ازاء الصمت العربي المطبق ، ولا الى الصومال وما يحدث فيها ، ولا الى أفغانستان ومصيبتها ، ولا الى سوريا الباقية وحدها في الصراع العربي الاسرائيلي ، ولا الى جزر القمر وتطورات أحداثها ، ولا الى لواء الأسكندرونة المحتل ، ولا الى ضرب السودان ومستشفياتها ، ولا الى ضرب ليبيا ، ولا الى احتلال اسبانيا لأراض مغربية ....ولا .... ولا.....
فهل كان ضرب العراق من أجل عائلة تحكم الكويت أم من أجل ( اضرب صاحبك لو هما كتير )؟
فهل أرادونا رجالا حقا ..أم غيروا معاني الرجولة فينا ؟
اعلان آخر كان له ماضي ...... ماضيه أنه كان يعرض سلعته من "البونبون " فيذهب العريس يوم زفافه الى عروسه فتسأله : هل أحضرت المهر؟ فيجيبها : لسه ، فتسأله عن الشقة فتجد ذات الجواب فتسأله عن غير ذلك وتظل الاجابة واحدة ، وأخيرا تسأله عن "البونبون " فتكون الاجابة بنعم ، وهنا تقبل العروس وتظل تُقًبّل عريسها ، أما حاضر هذا الاعلان : يذهب العريس الى عروسه فتنهال عليه سبا ولعنا من ألفاظ مثل " يامنيّل ويامدهول" فاذا ما أتى "بالبونبون " زالت ألفاظها القميئة وسكت لسانها الطويل ، فبالله عليك ما سر هذا التطور الخطير في اسباغ القماءة على السلوك العربي عامة والمصري خاصة ؟
وأتساءل كذلك مرة عاشرة : ما سر طباعة النسخة القميئة من كتاب ألف خيبة بمعرفة وزارة الثقافة المصرية دعما من جيوب الفقراء ؟
من طريف ردود أحدهم ممن لايخجل من قول السوء ، أن أجابني بأنها النسخة الأصلية وما عداها فهو مزور .. نعم هو الحق قالوا ، فكاتبها من أسيادهم هو "أنطوان جالان" المستشرق الفرنسي المعروف ، وما كانت الليالي الألف قبله كتابا ، بل روايات يتناقلها الناس حفظا ، وطبعها لهم محمد على باشا الألباني الذائقة ، أما ما كنا نقرأة من الليالي الألف على مدى قرنين من الزمان ..فهو مزور ، وكان على وزارة الثقافة ( وهو اسم ظالم على غير مسمى ) أن تبث لنا ثقافة الذائقة الأوربية كما تعتنق بث الثقافة الأمريكية طوال السنوات الماضية التي اعتلى الحُسْن فيها تلك الوزارة كما اعتلى صدر مصر وظهرها وربت بيده الكريمة على فخذيها !!
رحمة الله عليك صديقي الشاعر والكاتب والأديب والفنان /نجيب سرور .. كأنك كنت تقرؤنا كتابا مفتوحا ، ولا رحم أعداءك وأعداء مصر ممن أكلوا من خيرها وشربوا من مائها طهورا ، وأشربونا كدرا وطينا.
كما أنه لفت وزارة الثقافة أننا شعب جاهل لانعرف أسماء أعضائنا الجنسية ولا نعرف مسميات أفعالنا الجنسية السوقية فأثروا لنا الكتاب بفيض منها لنتعلم كيف نخاطب زوجاتنا وكيف يخاطبننا بطريقة سوقية تشعل الغرائز الميتة فينا وتلهب أعطافنا لا عواطفنا ، لأن ثقافة الشارع الجنسية محدودة الألفاظ هزيلة المفردات ، كما وأننا أصحاب لغة فقيرة كذلك لا تعرف أن الغرام يلعب بالأعطاف والأعجاز ، لا بالقلوب والمشاعر ، وأن الغرام والشبق صنوان لايفترقان ، وأن محاولتنا للتفرقة بينهما هي محاولة ساذجة رجعية مثل تفرقتنا الذكورية المصدر بين الرجال والنساء في مجتمعاتنا الرجعية ، وهو ذاته ما لفت الحزب الحاكم من قبل أننا شعب لم يبلغ الحُلم فجعل من نفسه وصيا علينا الى أن نبلغه .... ولن نبلغه وان أمسكنا بنجوم السماء !!