متى تراها عارية ؟؟

متى تراها عارية ؟؟؟

متى تحقق صفاءا نفسيا ، و طمانينة روحية ، يريانك الأمور بأحجامها الطبيعية ؟ متى تفقد لذة الاستحواذ ؟ ومتعة التملك ؟وغريزة الكنز ؟ متى ترى الدنيا أضيق من براح كفيك ؟ متى تفقد طعم المطعوم وبرد المشروب ؟ متى يضيق عقلك الكبير ــ عاجزا لا منكرا ــ عن استيعاب حقيقة صغيرة ؟ حقيقية أبدية متكررةحاسمة لا يردها راد ، ولايصدها صاد ؟ متى تستعرض شريط حياتك منذ أولى إدراكاتك وحتى آخر نفس لديك ، ثم تكتشف أن الشريط لا يحتوى ما يستحق ، وأن ما قطعته من سنوات طوال فى مارثون هذه الحياة هو وهم كبير ؟ و أن ما تخيلت أنك قد حزته وقايضته عبر عمرك المديد ؛ بالدماء والعرق ونزيف الصحة لم يكن إلا سرابا خالصا ؟ !!! متى تكتشف أن أحبابك وكل من حولك اللاصقين بقربك ما هم إلا خيالات تختفى تباعا ولا تعود ؟ !!! تاركة فى ذاكرتك صورا باهتة لذكريات تعصرك من مجامع قلبك ، كلما غلبك الحنين للمرور عليها . متى تغمض جفنيك ، وتمدد جثمانك، متوهما أنك قد خلدت إلى الراحة ، ومطارق عقلك لا تمل طرقا ولا تكل دقا ؟؟ متى تصلى فرض ربك ثم تكتشف أن ما كنت تمارسه من طقوس عبر عمرك المنصرم ؛ لم يكن إلا بضع حركات كنت تسميها صلاة ؟ ! متى تصلى مستحضرا قوله صلى الله عليه وسلم" أرحنا بها يا بلال" ؟ متى تدعو تلذذا بنشوة المناجاة لا رغبة فى إجابة الدعاء ؟!!! متى تعيش مع لا "إله إلا الله" ؟ وكلما وردها القلب واللسان كلما أبيا الصدور عنها ؟!! متى تطأ الدنيا بحذائك ثم تنتشى ملتذا بهذا الوطء ؟!! متى تقهر دمعتك ابتسامتك ؟ و متى يغلب حزنك فرحك ؟ و متى تشعر أنك فقدت الرغبة وتلبستك الرهبة ؟؟ متى تعيش بين الناس وحولك الناس ثم لا تشعر إلا بغربة قاتلة و وحدة بالغة ؟؟ و أن روحك وحيدة وسط صحراء الحقيقة القاحلة ؟؟!! كيف تقبل راضيا أن ينهار ما دفعت فيه عمرك لتبنيه ؟؟ بل كيف تبنى ما توقن أنه يوما ما سينهار ؟؟؟!!!
متى يستوى عندك كل شىء ؟ ! ولا تهتز حزنا أو طربا أو فرقا لشىء؟! ثم إنك تزهد كل شىء!! وتمضى ما تسميها الحياة وأنت لا تلوى على شىء!!!
أتدرى متى يحدث كل ذلك عندما تعيش تجربة الموت وتوارى بيديك العاريتين أحب الناس إليك ، عندما يتمدد الجسد المسجى أمام ناظريك ، وقد تسربت منه أمارات الحياة والحركة إلى غير رجعة ، عندما تهيل التراب فوق من تحب !!
حينها فقط ترى الدنيا عارية من كل زيف حتى من ورقة التوت !!