قصيدة لشاعر سوريا الكبير الراحل على الجندي
القطارات تمر
...واقف منذ صباح الأمس أستجدي على أبواب مينائك
يا...أمي مواعيد السفر
أرقب الغادين والموتى و حمال التوابيت و باقات الزهر
فقطارات بلا ناس تمر
وأرى الحزن على جلد الحقائب..
منذ حين وأنا وحدي, وبرد الصبح يكويني
وقد سافر كل الأصدقاء
وأنا أنتظر الشمس و دفء القاطرة...
غير أن الحارس الجهم اصطفاني من جميع النزلاء,
انتهرتني شرطة الميناء, قالت لي ذؤابات الدخان:
أنت تبقى بعد ان تمضي الى البحر المراكب!
...ها أنا أنتبذ الركن الذي يشرف من بعد على البحر,
وأصطاد الذين انتهروا مثلي لكي أسألهم عن موعد
الأبحار, كي أطلب من عاهرة تمضي على أرصفة
البحر بطاقات لحب أو..رحيل
غير أن الضجة العيدية الحزنى أنتهت من غير أن ألمح
انسانا حوالي ولا أنثى.. ولا وجها نبيل!
كل من أمنت فيهم رحلوا أو ر(و) حلوا عني بعيدا,
والقطارات تمر
القطارات التي اشتقت لترداد أغانيها الحديديات ما عادت
تبالي بالمحطات الصغيرة!
كلها تمضي كلمح الخوف لا صوت لها و لا ناس فيها...
وأنا أرقبها قاطرة, قاطرة تمضي على خط من المطاط
لا تصفر, لا تصخب,
واذا أقترب
فمكان الحارس الليلي ينهاني
فأمضي خائفا أنتحب
و"كشك" هذا الحارس الامر و الناهي خواء
غير أني كلما قاربته اضطرب!!
..اه ياأمي امنحيني لغة الدفء , هبيني دمع عينيك
فأجتاز طريق الضعفاء-
...هوذا الليل على المرفأ و البحر , على كل جهات العالم
المرئي يمتد. وبي طفل يخاف الليل, مذعور من الوحدة
و الريح و أصوات القطارات الخفية..
كل ما أحتاجه ايماءة تذرفها عيناك..
كي أعبر نحو الطرف الاخر في اثر عيون الاصدقاء
..والقطارات تمر,
ونعيق السفن المبحرة الان مع الليل الى الاعماق
لا يمنح غير الرهبة الصماء و الحسرة.. اه
انقضى عهد شباب النورس الحائم في الزرقة
لم يبقى على أرصفة الميناء غيري,
لم يعد للغرباء
بعد أن مر نهار العيد هذا العام غير الانتظار
ربما
ربما جاء لهم في السنة القادمة العيد...
على ..جنحي قطار!!!