إنتحار حلم

إنه هناك .. إنه هو .. أخيرا وجدتك .. رأيتك ..كم حلمت بك يا فارسي الجميل.. كم انتظرتك.. هذا اليوم سأعتبره عيدا ، وأخلده ، وأحتفل به كل سنة .. وأنت.. هل حلمت بي ذات يوم ..؟؟ هل بحثت عني ..؟؟ هل يجذبك مظهري هذا .. قوامي ..شعري ..؟؟
..أعرف أنني لست جميلة ، ولا ساحرة ، ولا جذابة ، أنا عربية ، سمراء اللون ..لكن احذر، فأنا أعتز بعروبتي ، صحيح جمالي لا يغري ، لكنني أملك الطيبة ، والكرامة ، والكبرياء ، فهل يعجبك هذا الصنف من النساء ..؟ أم تراك تعشق الشقراوات ذوات العيون
الزرقاء التي تشبه أمواج البحر الهائجة المجنونة ، أم تعشق ذوات الشعر الأصفر الطويل اللامع كأشعة شمس الصيف الملتهبة ،
فتفرشه تحت رأسك كوسادة ناعمة ، حينما يتعبك السفر ، والترحال ....
ترى إلى من تنظر بهاتين العينين الثاقبتين ..؟ نظراتك فيها الكثير من الشموخ ، والكبرياء ، وكم أعشق فيك ذلك ..
صديقتي الفرنسية ، ذات العيون الزرقاء ، على يميني ، تهمس في أذني ، تخبرني بأن نظراتك تناديها للسهر معك والرقص برفقتك
تحت موسيقى غربية حالمة ..والأخرى على يساري تشدني من ذراعي وكأنني سأهرب منها إليك .. تضحك بسخرية ، وهي كل كلامها
ساخر ، تخبرني هي الأخرى أن حديثك مع صديقك كله عنها ، يا للسخرية كلهن يردنك .! وأنا ..ماذا أخبرهم .!؟ لا أحس بشيء من
من أحاسيسهما نحوك .. فهل هما صادقتان .. أم يخدعون أنفسهم أمامي .؟؟
ـ ترى هل هما صادقتان ..في قولهما ؟؟ أم هو مجرد لهو وعبث ؟؟ ألم يجدا سوى فارسي الجميل يتشبثان في ذراعه ، كما يتشبث
الغريق في أي شيء يجده أمامه ..؟؟
السماء بدأت تمطر.. آه يا مطر.. لو تدرك قدر معاناتي.. أهطل يا مطر..أهطل بغزارة لعلك تغسل شوارع قلبي من عشقي المجنون
من هذا الذي يسكنه .. من هذا الذي يتعمد العبث بمشاعري البريئة .. لا .. لا.. يا مطر لا تصدقني أرجوك .. كل ما قلته هو من
نسج أفكاري .. وهواجسي .. فارسي الجميل لا يعبث بعواطفي .. وأكيد أنه يجهل ما أحسه نحوه .. وإذن هو بريء من التهمة
المنسوبة إليه ..
ـ لماذا يا مطر حللت اللحظة بالذات ؟؟ إنك ترغمني عن الابتعاد عن حبيبي .. ليتك تمهلت قليلا .. وكأنك تتقصد إبعادي عن فارسي
بللني إذن ـ يا مطرـ كما يحلو لك..أقسم أنني ها هنا قاعدة .. فربما يشفق علي حبيبي ، ويحميني منك بمعطفه الرمادي الخشن ،
ولكن .. للأسف ، ها قد ذهب هروبا منك ، وتركني وحدي وسط الطريق .. ألتهم حزني ، وأذرف دموع الألم ، والأسى ..
..إني أشعر بالخيبة والتعاسة ..أترك الشارع وأعود إلى البيت مرغمة ..رأسي مطأطأ أرضا ، كجندي مهزوم ، أجر أذيال الخيبة
أجفف شعري ، المتوسط الطول ، دموع عيوني السوداء ، تأبى إلا أن تتساقط بغزارة ،اتخذتها بيتا لها ، ومأواها الوحيد .. وحدي
في الغرفة .. والظلام يخيم علي .. وعلى الشارع .. أحس أن الكل يشاركني حزني ..ليس من العدل أن أتجرع كؤوس الحزن وحدي
ـ ترى لماذا تركني وذهب ..؟
ـ لماذا لم يطلق نظراته الحادة نحوي ..؟
ـ هل شعر بالاشمئزاز من مظهري ..؟ أم أن كلام صديقتاي صحيح ، فالنظرات لهما ، والهمسات لهما ، تبا لقلبي الساذج المغفل ،
لماذا أحبك بهذا العمق ؟؟ لماذا يضعف أمام سحر عينيك ..؟ إني أحس بالإهانة ..أين كرامتي ..؟ ..كبريائي .؟ أم أننا حين نحب
نظرتنا للحياة تتغير .. آراؤنا ..أفكارنا ..كل شيء ..وها أنا إذن أتنازل عن مبادئي ، وطبيعتي قربانا لحبك ..
آآه ..يا إلهي ماذا أفعل ..؟ ليتني ما سمحت لقلبي أن يصير عبدا لحبه ، لكنه يضل فارسي الوحيد ، الجميل ، القاسي ..
وأنت يا سماء ،أما تكفين عن البكاء .؟ دموعك صارت غزيرة تشبه الطوفان ، وستغرق كل شيء ، فهل أنت حزينة مثلي ..؟
آآه .. لم أشعر بمرارة الغربة ، كما أشعر بها الآن ، اشتقت لوطني ، لمنزلي ، لغرفتي الصغيرة ، هي ليست غرفتي لوحدي ، وإنما
تشاركني فيها أختي الأصغر مني .. حتى توبيخات أمي اشتقت إليها ،
ـ أمي أين أنت ؟ تعالي كي تري ابنتك كم هي تعيسة .. ليل الشتاء طويل جدا ..والوحدة تعذبني ..والهزيمة أحسها بدأت تتلاعب
بعزيمتي ، ماذا تحسبني ؟ كرة قدم أنا ، تقذف بها متى تشاء ، وحيثما تشاء ..؟!
لا..أنت يا وحدة ..ولا أنت يا هزيمة ، تستطيعان هزيمتي ، سأنتصر عليكما ، وأخرج في هذا المطر، الذي لا يريد أن يتوقف في
هذه المدينة الكئيبة ،المليئة بالضباب الرمادي ..سوف أفاجأكما يا صديقتاي ، وأزوركما في الملهى الليلي ..كم من المرات تحايلتما
علي لمرافقتكما هناك ، وكنت أرفض وبشدة ، وها أنا ذي أجيئكما من تلقاء نفسي هذه المرة ، وأقبل الدعوة من غير دعوة ..
في الماضي كانت تخيفني هذه الأماكن المشبوهة .. وكنت أكره حتى النظر اتجاه لافتاتها ، والآن صار كل شيء عادي عندما
أحببتك ، وصرت أرى نفسي مغامرة ، تأبى التراجع إلى الوراء ..
.. أدخل .. تلفني دهشة كبيرة .. الأضواء الملونة تنعكس بأشعتها فوق ثيابي .. شعري .. وجهي .. أبحث عن طاولة شاغرة ، أعثر
على واحدة ، وليتها تبقى كذلك إلا مني أنا ..
النادل يسرع إلي وكأنه كان ينتظرني ، يسألني ماذا أشرب ؟ وتلعثمت ماذا أشرب ؟ لا يوجد عندهم غير الخمر، وأنا لا أشربه
حتى أني لا أطيق منظره ، ومحال أن يتغير في هذا أيضا ولو مت عشقا ، فقط طلبت كأسا لا لأشربها ، بل وضعتها أمامي
كديكور يزين الطاولة لا غير ..
..و أخيرا تظهر صديقتاي فوق المسرح بلباسهما القصير ، الشفاف ، يرقصان ، ويغنيان .. أتذكر هذه الأغنية جيدا ، بل إني
أحفظها .. كانتا يوميا تتمرنان عليها ..يا إلهي ما هذه الصدفة الجميلة ؟! فارسي الوسيم هنا أيضا ..! هل حظر خصيصا لمشاهدة
رقص ، وغناء صديقتاي ؟ ومن هي بالذات ؟ صاحبة العيون الزرقاء ؟ أم ذات الشعر الذهبي الطويل ؟ إذن فحدس واحدة منهما
صادق ، يا ربي أنا لا أستحق كل هذا العذاب .. لماذا لا أكون أنا ؟ صحيح ليس لدي أشقر، ولا عينان زرقاوان أسحرك بهما
لكن أحبك أكثر منهما ..
ها أنت ذا تتناول بإحدى يديك كأس نبيذ ، وبين شفتيك سيجارة تحترق مثلي ، لا أحد يحس بي ، ويشعر بمعاناتي ، إني أتعذب
آلاف المرات ، كلما لمحتك تحدق إلى امرأة سواي ..
انتهت الأغنية ، الكل يصفق ، إلا أنا لم أستطع ، تجمدت يداي ، وتحجرت الدموع في عيوني ، أحسها تخنق أنفاسي ..
ـ هل أنا أسقط ؟ أم أنني أحس بالسقوط ، أريد أن أبكي ، أن أصرخ ، فلا أحد ينتشلني من عذابي إلا البكاء ، هيا يا دموع اغسلي
وجهي ، ما بالك أنت أيضا تعذبينني ..!
صديقتاي تلتفان حولي ، وسؤال واحد على شفتيهما ..
ـ كيف تنازلت وأتيت ..؟!
لم أستطع الرد ، الصمت وحده منفذي ، ما ألبث أضغط على نفسي ، وأجاريهما في سخريتهما ، أحد أصدقاء حبيبي يقترب من
طاولتنا ، أسأل نفسي من يريد .؟ نحن ثلاثة ، ولم تطل حيرتي ، وأمسك يد صديقتي ذات الشعر الأشقر الطويل ويدعوها للرقص
الموسيقى لا تقاوم ، يتركانا ، ويذهبان متخفيين وسط زحمة الراقصين ، ما تلبث أن تتركني صديقتي الأخرى ، وهذه المرة هي
من تدعو صديق حبيبي الآخر للرقص ، ينهض بسرعة وكأنه كان ينتظر دعوتها ، في الوهلة الأولى ارتجف قلبي ، ظننتها ذاهبة
إلى حبيبي ...
..لم يبقى إلا أنا وهو ، وإني أنتظر دعوته ، مستحيل يكون يكره الرقص ، فلماذا إذن حضر إلى مكان كهذا ؟!. أنا لا يهمني إن كان يحبه أم لا ، فأنا أحبه بأي صفة هو عليها ..
السيجارة احترقت كلها ، الكأس أفرغ من نبيذه ، يا إلهي إنه ينظر إلى جهتي ، ويستعد للوقوف ، وجسده كله يرتعش ، إنه يقترب
من طاولتي ، هل أقف ،أم أظل جالسة ؟!. لكن .. ما باله ينعرج إلى الجهة الأخرى ؟ هل نسي أين أنا ؟ أنا هنا تعالى ..
يا لخيبة قلبي ، يمر من جانبي ، وكأنه لا يراني ، إلى أين أنت ذاهب ؟؟ المخرج ليس من هنا ، آآه يا قلبي فارسك الوسيم يطرق
قلبا غيرك ، هي ليست شقراء ، ولا شعرها ذهبي ، ولا عيناها زرقاوان ، لكنها حبيبته ، ومن أجلها حضر ، ومن أجلها انتظر
كل هذا الوقت ، وربما من أجلها تعذب ، واحترق مثلي تماما ، ولكنه في الأخير وجد من يطفئ ناره ..
ها أنا .. إلى الشارع أهرب ، وعلى صوت المطر، ألملم دمعي ، أتوه وسط المدينة الضبابية ، ومع هذا لا أحس بالحزن يعتصر
قلبي هذه المرة ، ولا أشعر بأي هزيمة ، هي دموعي هكذا دائما تخذلني ، تتطاير من عيني كشظايا بلورية ، تريد أن تقلد حبات
المطر التي تخترق الأرض اختراقا ، هو حلم جميل وانتحر ، ذهب مع ريح شتاء هذه المدينة الكئيبة ، ولا شيء في صدري
يحزنني ، غير غربتي ، ووحدتي ....

توقيع .. أمال جمعة سي مو سى

شتاء ...2000

والله آيتها المبدعة لا أجد كلام اقوله ، روعتها أفقدتني كل مايمكن ان يقال . دمتى لنا مبدعة ، ولكن لى ملاحظة بسيطة ، على كلمة ليست غرفتي لوحدى ، أعتقد أنها يجب ان تكون وحدي ، أنا لست جيدة في اللغة العربية ، ولست أجيد كتاباتى باللغة العربية بدون أخطاء ، لكن كلنا هنا نصحح لبعض أخطاؤنا . وتقبلى مرورى أيتها المبدعة .

استاذي الفاضل ممدوح عزت موسى

تحياتي
مهما كتبت وشكرتك لن استطيع ان اعبر عن مدى فرحتي بالكلام
المشجع الذي قلته في حضرة قصتي المتواضعة وصدقني ان قلت
لك انني كنت متخوفة من ضعف قصتي لانني عرضتها على كاتب
لا داع لذكر اسمه وقد اسمعني كلام فيها جعلني افكر في تمزيقها لكن
عرفت الان ان اختلاف الراي لا يفسد للود قضية مرة اخرى اشكرك
كونك شجعتني ودمت متألقا دائما

شاعرتنا المتالقة عزة الزرقاني تحيات
سعدت كثيرا بالكلام الذى قلته في
حضرة قصتي المتواضعة والله انتم
تشجعوني على الاستمرار في الكتابة
بكلماتكم المطمئنة
اشكرك ودمت شاعرتنا المتالقة

عزيزتي المبدعة الاء سلام الله عليك
اشكرك جزيل الشكر على مرورك الجميل على قصتي
المتواضعة وتاكدي انني اتقبل النصائح فكيف لا اقبلها
وهي في مصلحتي
مرورك دائما انتظره ونصائحك على العين والراس
ودمت مبدعة

الأستاذة المبدعة أمال مرحبا بك عضو جديد ينضم إلي قسمنا العظيم و ننتظر المزيد من إبداعاتك لي عودة بقراءة أكثر تمعن , خالص تحياتي

استاذي الكاتب شريف العجوز تحياتي

اشكرك من كل قلبي على الترحيب واني انتظر مرورك
الكريم على قصصي المتواضعة ورايك فيها وان شاء الله
تكون قصصي في المستوى ...

المبدع محمد عبد الغفار صيام تحياتي

اشكرك جزيل الشكر على التقييم الذي طمأن قلبي نحو قصتي
المتواضعة ونصائحك ارحب بها ويسعدني ذلك وانتظر مني
المزيد من كتاباتي ويا رب تكون عند حسن ظنك ...