أو كيف أحتمل التوافق بين ضدّين..؟!
شعر:محمد الزينو السلوم
------------------------------------
شدي يديك على ارتعاش القلبِ في زمن التصحّر يا ندى..
وتمسّكي بصنوبر الروحِ الذي تخفيه سوسنة الشذا..
لأمدّ جسراً من خيوطي للسنا..
فالقادمون من الظلالِ يسابقون الريحَ في عصف لهم..
والراحلون مع الغروب كأنهم ألقٌ, وبوح الروح يصعد للسماءْ..
لكنّ صمت الليل يُغرق في التماهي ..
بعدها أحسست أن الجرح فينا
راح يرسم دمعتينِ وضفتينِ وبعض صفصاف وحوْرٍ
كان يحمله على جنح المدى
ويفرّ صوت الوقت في الشغب الحزينِ إلى المراثي تائها بعد الغيابِ
أحسُّ في قلبي سواد الليل يجثمُ كلما طاف الأسى حولي
وأنشب ظفرهُ في الجرح أنزف من مرير الذكرياتْ..
من قبل كم حمل الصباح لنا الفراشاتِ التي انتثرت كورد الحلمِ
فاشتعلت بوهج الشمس روحي..
وانتشى فينا صباح الياسمينْ
لما بعدها انتصبت على عثراتها روحي ..
لكي تطوي مرارتها، وتمضي حيثما تجري الرياحْ ..؟!
وقرأت اسمك في مناحي البوح نجوى الصابرين ولم أزلْ..
وصرختُ بعد الجرح آهٍ منكِ ، ماذا بعدُ.؟!
يكفيك التناسي والضياع ونحن في النجوى معاً ..
ما لي أراك اليوم تقترفين إثم البوح في نزق التوهّجِ عنوةً ..؟!
لوّحتِ من خلف الأسى..وبكيتِ فارتسمتْ
بوجهك لوحة فيها من الذكرى خيوطٌ تستفيق جداولاً
تمشي كما يمشي التلظّي في دمي عند الغيابِ ..
أحسّ في روحي التشظّي .. قاب أن تبدو حكايا مذهلةْ
#
تمشينَ، أمشي مثلما المجنونِ
تنخر في الضلوعِ أظافر الوقت التي أدمت فؤادي ..
(1)
وتعود تسألني القصيدة : ما جرى .؟!
فألوذ بالصمت المريع، أحارُ كيف تضجّ بالآهات روحي
حين أدرك ما ترامى من بعيدٍ ..
إنه النزف الذي ما زال في نزق السؤالِ ..
يكاد يرمي مهجتي بالوردِ ..
ها هو في دمي يحيا..يزلزل ما تراكمَ من خفايا في جحيم المقصلةْ
#
يا ا سكندرية كم بكيتُ .. الموج كان الدمعَ..كنتُ البحرَ ..
كنتِ الريح في عصفٍ يكسّر ما رسمنا في مرايا الذاكرةْ
هل تذكرين الأمس في المقهى التقينا عاشقينِ
على ضفاف النيل تشهد باللقاء القاهرةْ ؟
قولي بربك :
كيف أحتمل التوافق بينما الضدانِ يجترحانِ
ما ألقى بأحلامي إلى الصحراءِ في عصف الليالي..؟!
إنّ كــفّ الليل ترعبني..ووهج الشمس يتعبني ..
فأمضي في جنون الوقتِ..كل خرائطي غصّت بألواني..
وهذي الريح تقذفها إلى فجٍ عميقٍ فيه تندلع الحرائقُ..
كل ركن فيه أفعى تنفث السمّ الذي لا ينتهي..
فأحسّ بعد النزف أني في اشتعالٍ كاد يرميني لعصف الزلزلةْ
#
ما زلت أقرأ في كتاب البوح حزنَ الأحرف الثكلى تجوب قصيدتي
هل مثل صبحٍ بالندى أهدى إليّ شفافة الرؤيا ..
وحبل الحلم مربوط بخيط الوهمِ..؟
كيف أعيد تشكيل الحروف وقد غزتها الريحْ..؟
ماذا إذا ما راح ظلكَ يخنق الأوهاجَ في صدر الغريقِ ويمنع النجوى
إذا ما انداح منها الحلم في دفق الشعورِ, وكيف تزمع في الرحيلِ
وزورق الحلم الذي في مهجتينا يحترقْ..؟!
وإذا طغى يوماً، ورحت تعيد تشكيل الحروف – ولا نجاة –
تعيش في أمل- ولا جدوى .. ستنفجر الأماني حيث تُمسي قنبلةْ
#
(2)
طال انتظاري يوم جئتـك حاملاً روحي على كفي ..
هتفت إليكِ حتى غاب صوتي في المدى ..
وسمعتُ صوتك مرةً وسألت ماذا..؟!
كان صوتي قد تلاشى وسط عصف الريحْ..إنه وهم الرحيل طغى..
وكيف يجوب ذاك البحر زورقنا الصغير..
وها هي الأمواج صاخبة وتلك الريح عاصفةٌ
وليل البؤس قتّالٌ .. وما خلف الضلوع يلوبُ لكنْ:
لا يرى إلا الذي رسمته في الأوهام ريشتك العنيدة..
إنها الألوان يوما قدً تبوح بما يشي الصفصاف في الصبح النديِّ
على ضفاف النهر مثقلة بآهات الغيومِ وبعض أسئلة النجومْ..
غصّ الفؤاد بما أحسّ وأوشكت صفصافة القلب الحزينِ على اجتراح الأسئلةْ
#
شدي يديك على ارتعاش الروحِ في وجه المسافر نزعة للصمتِ
فاضت لوعة ترقى وتهبط في مناحي العمر، تبحث عن جواب ٍ
للحضور وللغياب، وتصطفي وهجَ التألق في الليالي الحالمةْ
وسألت ما ترك الغروب لدمعتي بعد الأسى من ذكرياتٍ
أشعلت فيّ الحنين إلى الرجوعِ..وكيف أركب زورقي وأعود ..؟
أسأل: كيف أنهي المسألة..؟
#
والتقينا آخر اللحظاتِ نجترح المضي نجترّ ما ذا ينبغي..عدنا افترقنا بعدها..
وعلى الرصيف وقفت وحدي في ذهولٍ..!
يا لهذا الشاعر المسكون بالحزن الدفينِ لكم تألم واشتكى..؟!
هذا أنا لوني موشّى بالبياضِ وكل ما يأسى بقامات النخيلٍ تطاولٌ
ما فيه – رغم تسامقي – أبداً .. رطبْ
أرأيتَ لو غارت سماء الحلم وانشقّت صخور الوهجِ في دمنا المخضّب بالأسى..
راح المسافر يسحب الآه الحزينةَ من جدائلها، ويمشي والرصيفُ
يضجّ من حفر الأنينِ ودمعة تستاف من أثر الجراحِ
تطير إلى سماءٍ من غيوم العمر باتت .. مقفلةْ
#
(3)
أنا يا أنا.. في غربة الأيام أحيا..
فاسرقيني من منافي العمر ِوارميني على شط الحنينِ
لعل شمس العمر تمنحني الحياةَ..أعود دفّاقاً كنهر الحب لا أخشى أحدْ..!
ها أنتِ آخر من يُخبّئ في ثنايا الليل آهات العواصفِ
وهي تحمل كل ما تُفضي المنايا في اضطراب المرحلةْ
#
حبّات قمحي كلما مُلئتْ حناناً تنحني، وتميلُ نشوى حيث تجري
الريح تمضي .. مثل ساق السنبلةْ
نجوى تعيش بداخلي ألق التهجّد في صلاة الروحِ
تجترح التجلّي في الغياب وفي الحضورِ كأنها في القلبِ نبضة خافقٍ صبرتْ
على عشق يداهم في المساءِ بزحمة العثرات، لا يخشى الردى..
ويحسّ دفئاً في الصباحِ تراه مشى بخطوة واثق ٍ في ليلة راحت تلملمُ
بعض ما ألقى الغمام بليل غربتنا وتخلع ما عليها من أرقْ..؟!
وأعود أسألُ :يا ترى، ماذا يخبّئه الرحيل إلى المنافي في الدروب الموغلةْ
#
ورأيت ما بعد الحضور وخلف شباك الغياب الأفقُ
يرسم نبض قهر ٍ يستفزّ الليلَ في لغة المراثي
تقذف الريحُ الزوابعَ في المدى..
فترى الطريقَ إلى المنافي موحشٌ
والموت يحكم قبضة الأحزانِ حيث الروحُ
- رغم المرّ من نجوى - تداعى من هموم قاتلةْ
#
لا..كيف أوغل في الغيابِ؟
دمي يسافر في شراييني وأبحث عنهُ ..
- لا جدوى - تناثر في الدروب فهل يعودْ ..؟
بل كيف يجتاح الأسى روحي ..وأمسح دمعتي
لأعود أسهب في الغيابِ, ولا سبيل إلى نجاة ٍفالدروبُ إذا غزتها الريحُ
في ليل ٍ بهيمٍ، قطّعت أوصالها..تبدو لعين الراحلين على الطوى ..
بعد التناهي .. مثل أبواب بوجه الريح باتت مقفلةْ
#
(4)
لوحت من خلف الأسى ..وأكاد أشرق بالغيابِ..
أكاد ألمح فوق صدر الغيب ما توشي الغيوم به ِ
فأخلع حزن ما تركته ذيّاك المآسي في دمي ..
قد أستجمّ بعطر ليلكك المخاتلِ..نخلةً تمشي ولا تُفشي بما خلف الطلولِ
ودمعتين تفيض بالفرح المعطر بالأملْ
وأعود أسألُ:كيف أحتمل التوافق بين ضدّين
استحال الجمع بينهما، وبعد تخاصما..؟
بل كيف أدنو منهما..؟
(يكفي هنا حجرٌ أُريح من النوى رأسي عليهِ(
وأعود أحلم يا أنا ..اللهْ.. ما هذا التجلّي ..؟!
وسموتُ في روحي..التفتّ إلى الصباح أصافح الشمسَ
التي أهدتْ ضياءَ الكون لي بعد الغيومِ..
صرخت يا الله ..! هذا الضوءُ. .! هذا الوردُ..! هذا الغصنُ..!
معْ شدو البلابلِ في الصباح مع الندى..
هو يا أنا لمّا تكون الروحُ في ألق التجددِ أو يكون القلب في شفق التأملِ ..
حينها تحلو الحياة ونصطفي الدنيا ابتهاجاً حين ينهمر الضياءُ..
لأننا في العشق نوشك أن نوافق ما تناقض بيننا فنسام عسفاً موحشاً..
هل نكتفي بالبوح في لغة الرسائل.؟
نصطفي الكلمات من وهج المشاعرِ حيثما ..؟!
إن لم نعد للصبح في ظل التجلّي ..نؤثر العشق الذي قد طاف بالأحداقِ
والأعماقِ في نزق التوهّجِ .. واصطفى ألقاً يخاصر وجدنا..
ويغازل الحلم الذي في خاطري ..
وكأنه النجوى .. وها.. يا غادتي – رغم الجرى –
ما أجملهْ ..؟!
ما أجملهْ ..؟!
ما أجملهْ ..؟!
###