مكانة المرأة في الإسلام

مكانة المرأة في الإسلام
الحمد لله رب العالمين ،والصلاة على سيدنا محمد(ص) سيد الأولين والآخرين ، وبعد .
فمما تجدر الإشارة إليه أن المرأة تشكل أهمية في المجتمع ، فهي الزوجة الصالحة ، والأم البارة ، والأخت التي تقف جانب أسرتها عند الشدائد ، لذلك فقد أولاها الإسلام عناية كبيرة ، وورد ذكرها في أكثر من موضع من القرآن الكريم .
وسوف يدور حديثي معكم حول ثلاثة محاور أساسية هي:
المرأة قبل الإسلام.
المرأة بعد الإسلام.
واقع المرأةوما يجب أن تكون عليه.
المرأة قبل الإسلام.
كان العرب ينظرون إلى المرأة نظرة احتقار ، فهي عندهم وعاء للولد ، إذا وضعته استغنى الرجل عنها ، وكانوا يعاملون المرأة – إلا في القليل النادر – معاملة قاسية ، حيث كانت إذا مات عنها زوجها قسمت مع التركة ، حتى إن بعضهم كان يقتلها تخلصا من نفقتها ، أو يتزوجها ابن زوجها ، وكان الرجال يكرهون الإناث ، ويفضلون الذكور على الإناث ، وقد عبر القرآن عن ذلك فقال :" وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم "(النحل-58) كان بعض الناس من العرب إذا رأى من زوجته علامات الوضع أخذها للصحراء ، وحفر حفرة في التراب ، فإذا وضعت أنثى دفنها حية ، وإن وضعت ذكرا استبشر به وإخذه وانصرف فرحا مسرورا، قال تعالى" وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ"التكوير (8،9)
فالمرأة كانت عند كثير من العرب بل عند أغلبهم مصدرا للعار ، والزوجة ما هي إلا وعاء للولد ، يستغنى عنها عندما تضعه . وكانت توزع مع الميراث ، يمكن أن يتزوجها ابن زوجها ، ويمكن أن تُقْتَلَ تَخَلُّصا من نفقتها ، هكذا كانت المرأة عند العرب . فهل غير الإسلام من وضعها ؟ هل كان للإسلام أثر في حياة المرأة؟
المرأة بعد الإسلام:
جاء الإسلام فملأ الأرض نورا ، جاء ليقضي على كل مظاهر الظلم والفساد ، جاء ليحرر العباد من عبادة العباد ، ويهديهم إلى عبادة رب العباد ، قال تعالى" اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" البقرة (257) جاء الإسلام ليبني مجتمعا صحيح الجسم ،قوي البدن ، لهذا المجتمع عمودان ، أو ركنان أساسيان لا يزيد أحدهما على الآخر خطورة ، هذان الركنان هما الرجل والمرأة ، قال تعالى:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" النساء (1) بل أن الله تعالى جعل ذلك آية من آياته ، ودلالة من دلائل قدرته قال تعالى " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" فالمرأة جزء من الرجل، وهل يقسو الإنسان على نفسه ، فإنه إن أحب زوجته
أكرمها ، وإن كرهها لأم يهنها. ولنا في رسول الله أسوة حسنة ، فلقد كان يعامل زوجاته معاملة حسنة ، وكن يعترفن بذلك ، فالمسلمون يعرفون السيدة خديجة ، وعائشة ، ويعرفون فاطمة وأسماء وغيرهن كثير .
فمن يدعي أن الإسلام لم يعط للمرأة حقوقها فقد ظلم نفسه أولا ، لأنه كذب على الله وعلى رسول الله ، فالأسلام أعطى للمرأة ما لم تعطه لها الحضارات المتمدينة الحديثة والقديمة .
والمنادون بتحرير المرأة هم في حقيقة الأمر ينادون إلى ظلمها ، ويدعونها إلى التبرج والسفور ، والتزين كي تكون متاعا لهم ، بل كي تكون سهما مسموما يضربون به الإسلام ، ولكنهم يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.
ولو أنهم أنصفو لنادوا بتحرير المرأة من جهل الحضارات الغربية ، التى لا تفرق بين الحلال والحرام ، حتى شاع عندهم الفساد ؛ من أمراض خبيثة ، وجرائم بشعة ، وأمراض نفسية تجر صاحبها إلى قتل نفسه في أغلب الأحيان.
فهل هذه هي الحضارة التي يريد هؤلاء أن يجروا شبابنا وبناتنا إليها ، إنها حضارة متأخرة ،وصفها (أيمن أبومصطفى) صاحب المقال في إحدى قصائده فقال:

مضت السنون سريعة الجريان لاخير في الإذعـــــان للطغيانِ ِ.
أيقودنا أهل السفاهة للــــردى فنعيش في القبلات والأحضان ِ.
وبزعمهم أن الحضارة هـــكذا كـلا ورب الـطــور والـفـرقــان ِ.
فترى الشباب تحطمت آمالهم حتى غدوا من عصبة الشيطانِ ِ.
لافرق بين محمد أو جرجسَ هما في الخلاعة والهوى مثلان ِ.
وبناتنا بعد العــفـاف بــــديننا بِـعْـنَ الـحَيَـــــاءَ بأزهدِ الأثمان ِ.
واقع المرأة وما يجب أن تكون عليه:
هذا هو واقع المرأة يريدها أعداء الإسلام سهما مسموما يضربون به نحر الإسلام ، فهل تنتبه المرأة وتدرك أن الإسلام أعطاها مكانة عظيمة ، وجعل لها حقوقا مثل حقوق الرجل ، فلها حق الميراث وطلب العلم والعمل الذي يناسبها بحيث لا تكون مصدرا للفتن ،ولا ينبغي أن نقارن بين امرأة ورجل ؛ لأنها مقارنة لا تصح فالمقارنة تكون بين متفقين في النوع ، فلا ينبغي أن نقارن بين برتقالة وليمونة ، فلكل واحد منهما مذاق هو ميزة لصاحبه، ولو انعكس الأمر لأصبح عيبا ، كذلك فإن للرجال صفاتهم التي تتناسب مع دورهم في الحياة ، والنساء كذلك ، فلا ينبغي أن نقارن بين رجل وامرأة ؛ لأنهما متكاملان لا مختلفان، وينبغي أن تعلم المرأة ذلك وينبغي أن تحرص على طلب العلم لكي تخرِّجَ لنا أجيالا قادرين على البذل والعطاء ، وصدق شوقي حين قال:
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق.
وقد أبدع إسماعيل صبري حينما قال:
إذا النساء نشأن في أمية رضع الرجال جهالة وخمولا.
وفي نهاية حديثي معكم أدعو الله تعالى أن يوفق كل من شارك من أجل دفع عجلة محو الأمية ، وجاهد من أجل أن تكون أمهاتنا وبناتنا متعلماتٍ. وأشكركم جميعا .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكر مرورك وأدعو الله أن يوفق الجميع إلى الخير. شكرا جزيلا.