الإطــــــار..

الإطــــــار..

بعد أن سكن البدركبد السماء ، وصارت النجوم تغازل عيون الليل بوميضها ..
يعود.. تتملكه نشوة غامرة من السعادة ، يفرق بجسده تيار الهواء البارد حتى يصل إلى ذلك المنزل ، يصعد درجات السلم، ترتجف أوصاله ، يتدلى بناظريه أسفل قدمه ..
يهم بالصعود.. يلتوى به رسغ القدم عند تلك الدرجة المكسورة ، يحميه الدرابزين من السقوط..
عند الجرس مقـتبلة الباب تـتـشهد سبابته .. يميل بطرفه يتأمل تلك الدرجات ، فلطالما أرخت جبينها لنعاله ، أحياناً كان تتلقفه فيما بينها كالكرة .. توقفه طويلاً عند انعطافاتها قبل أن تُسكّنَهُ أمام ذلك الباب الذى لم يبعد عن خلده قيد أنمله ..
بصعوبة ينتزع أنفاسه من داخل جوفه …
يضغط..
أطلت تملأ قسمات وجهها ابتسامة ويغمر عينيها حزن دفين..
إتفضل…!
حالاً القهوة ..
جلس.. تتفرس عيناه المكان ، وتسترق أذنه السمع ، مازال صدى صوتها يعج بالردهه ، يتسلل إلى حنايا صدره وذاك العبير الذى لم تنقطع فحواه . بيد أن السكون كان له الغلبة ..
يعتـلى بناظريه .. وجدها تبتسم داخل إطار ذلك البرواز وقد تورد وجهها .. بإمعان النظر فى عينيها يمتطى جوادالذكرى ..

تباغته قائلة :
مجنون ..!
ألم أعهد إليك ألا ترانى سوى بشارع الصدفة ، مع ذلك لم تثنك رغبتك الجريئة فى القدوم..
أجاب بلهجة لينة : أعلم لكن .. مجنون كما قلت وليس على المجنون …..
ثم همس " .. بجد وحشتينى .."
بإبتسامة خجل ازدرت معها ريقها وزاغ بصرها :
ــ ما ينفعش ..
ألم يخامرك الشك فى أن يرانا أحد..!
إبتسم من فوق جواد الذكرى الذى إنعطف به وكأنه نفس الحديث الذى دار من قبل ..!
حيث .. نظر إليها واستطرد بهدوء ورزانة :
الشمس بصدر الأفق .. فما الخطأ فى ذلك ؟
رفقاً سيدتى بذبيح القلب .. فـقد كان حلمنا قاب قوسين أو أدنى بيد أنك زججتنى داخل فم الشرَك ، وتركت لى القلب حارساً..
حملقت فى فضاء الكون تغالب عينيها عبرة ، أضفت عليها الشمس سنا بريق من شعاع وأطرقت برأسها لبرهة ثم قالت :
"النصيب .. النصيب والله ..!"
قاطعت حديثهما دقات الساعة المعلقة فوق حائط الردهة بصوتها الصاخب .
لكنه عاد …..
يردد كلماتها .. النصيب .. نعم .. وسرعان ما لبس رداء المتماسك القوى الحاكم بأمره فى جميع حواسه وجوارحه ، وقد بلغ الجزع به مداه ، تحمل كوامن نفسه جبال مستعرة من اللوم والعتاب .

أطفأت لهيبها إبتسامة رقيقة إرتسمت على فيها . وتلك الكلمات التى نم عنها ثغرها ..
ــ " تيجى نغير الموضوع " ..
أوقفته لحظة متنهداً ثم استطرد : " وحشتنى عنيكى .."
ضحكت قائلة : تانى .. انت مش ممكن ….!
حدق رَأدُ الضحى فى وجهها قائلاً:
مجنون ..!
ثم تراجع خطوة للخلف بنصف انحناءه شاهراً سهام عينيه بمقلتيها قائلا : ممكن أوصلك يا فندم ..
عادت للبسمة قـائلـة :
مش بقولك .. ما ينفعش ..
أمام إلحاحه الشديد وإصراره وافقت على أن لا تـتكرر تلك الفكرة المجنونة ، وأسرعت تلتهم الطريق بقدميهـا كأن عيون العالم ترقبها ، بينما عيونه لم تـتوان لحظة عن ملاحقتها ..
لا يعلم هل يرتدى عباءةالفرحة لمجرد أنها معه؟
أم يكتفى بها معلقة فوق كتفه !
بيد أن قلبه صار ينبض بدقات سريعة ، اهتزت على إثرها نباتات عشبية خضراء نمت على جانب الطريق ، تهمس بهسيس موشى بالطرب ، وكأنها تعلم قصتهما منذ سنين ..
نظرا إلى السماء التى مازالت ملبدة بالغيوم، وكلاهما يضمر أمنية يعجز اللسان عن البوح بها ..
جعل يحملق فيها .. ربما تريد أن ينتهى بنا الطريق سريعاً-هكذا وشت بها نفسه ..
ينعطفا أمام نافذة المقهى ، تستوقفه فجأة قائلة :

أريد مشروباً دافئاً..
هم على عجل من أمره ..لكنها أصرت على أن يكون المشروب
على نفقتها ، وسط الوجوم الذى تملكه - كأنها تريد أن تضع حداً لتوقظه من حلمه القديم- مرة أخرى بهذا الحديث دفعت إليه به سرائره ..
حدق غاضباً وخشى نهاية الموقف الذى كاد أن يطول مداه ، لولا ذلك الصديق الذى ما إن وقعت عيناه عليهما إلا وأحضر لكليهما مشروبا، فشكراه مبتسمين ، ومع كل رشفة صارا يتراشقان الحديث بالنظرات ..
تقول نظرة أرشقها .. لم أبقيت على تلك المسافة بيننا ؟
ولِمَ كان الـ …
تجيب بحديث نظرتها مقاطعة :"غصب عنى والله .. صدقنى.."
سكت لحظة متنهداً ووضع قدحه بعد آخر رشفة ، يلح عليها السؤال الذى طالما تطرحه عليه كوامن ذاته ويغمر تكوينه ..
وبإطلالة تحزوها الأمل فى الإجابة يهمس إليها :
أحقيقةً كان الحب .. ؟
تخرج عن صمتها الذى لازمها لبرهة قاطبةً بين عينيها ودهشة:
الله يسامحك ..
فيما كنت تسمى تلك السنين إذاً…؟
أقبل عليها هامساً : استشعرها خلال جوارك .. أستنشقها من عطر عبير أنفاسك .. أحسها .. أتلمسها .. أعلم ..
ولكنى أريد أن أُسمعها إياه كى يهدأ خفقانه ..
إستطردت ولكن تلك المرة بدلال وأسكنت القدح الذى ظل يترنح كثيراً بأطراف أناملها قائلة :
" تفرق معاك كثير …."
بلهفة منه أجابها :
" تفرق عمر …."
أرخت أهداب عينيها الطويلة التى يسكنهاالليل، ثم رفعت ستائرها عن بريق سرمدى لا ينساه النسيان ، وترنمت بثغـر عذب عن أسمى معانى الكلم وأجمل حروف الوجد …
يقاطعه وقع الأقدام بالردهة ..
تقبل نحوه ..
يترقرق الدمع فى مقلتيها .
يتراقص على رعشة يديها قدح القهوة فوق الصينية قائلةً :
قهوتك يابنى ..
بيد أنهـا تعثرت يإصيص الصبــار ..
يثب من مكانه بعينين ذاهلتين مستقبـلاً الباب
مربتاًعلى كتفها تتمتم شفتاه بالحديث :
لقـد شربت .

أخى جمال
أولا مرحبا بك ايها الرائع فى بيتك و منتداك
و اهلا بإبداعك الجميل و الذى يسعدني أن اكونأول مار عليه
حيث وجدت تمكنك الواضح من القصة و اللغة العربية السليمة
و كيفية كتابة قصة جيدة بدون ترهل
هي قصه تدل على مبدع يقف وراء هذا العمل له باع
فى الكتابة
دمت بخير

تثبت القصة بواسطتي
تقديرا و ترحيبا
Very Happy

احسست بانك تعيش القصة فعلا
وهذا شيء جيد
موفق باذن الله

الاستاذ الاديب جمال ابو ضيف
تحياتي
اهلا وسهلا بك قاصا بارعا في منتداك منتدي عاطف الجندي
قصتك الاطار رائعه وتتوافر بها اركان القصه كما يجب ان يكون وهذا يدل علي تمكنك من الفكره .
ممدوح عزت موسي

ألأستاذ القاص

جمال ابوضيف

تحياتى اليك أيها الروائى الكبير

واهــلا بك فى منتداك وسط نخبى عطرة من الأدباء

الأستاذ جمال ابو ضيف اجزم انك ذو باع كبير وتاريخ

فى الكتابة الروائية والقصة القصيرة

ونمنلك ادواتك الأبداعية

تحياتى

عاطف الجندى كتب:: أخى جمال
أولا مرحبا بك ايها الرائع فى بيتك و منتداك
و اهلا بإبداعك الجميل و الذى يسعدني أن اكونأول مار عليه
حيث وجدت تمكنك الواضح من القصة و اللغة العربية السليمة
و كيفية كتابة قصة جيدة بدون ترهل
هي قصه تدل على مبدع يقف وراء هذا العمل له باع
فى الكتابة
دمت بخير

الأستاذ الشاعر /

عاطف الجندى

تحياتى الى شخصكم الكريم والسادة اعضاء المنتدى المبارك

تحية حب اليكم جميعــــا عرفانا برسالتكم الأدبية الراقية

أتمنــــى ان لا أكون (ابو ضيف) ثقيل على منتداكم واعضائه

تجياتــــــــــــــــى