الحادى عشر من سبتمبر

ونتيجة لغزوة نيويورك ثم غزوة لندن، أصبح كل عربي، كل مسلم مشبوها في
العالم، فروع عديدة من العلم في جامعات الغرب أصبحت محرمة علي العرب
والمسلمين دراستها.يجب
الاعتراف في ذكري الحادي عشر من سبتمبر أن ردة فعل المثقفين العرب لم تكن
في حجم الهول الذي جسده هذا الحدث وآثاره بعيدة المدي التي بدأت تظهر
الآن، والسبب يرجع إلي العلاقة المعقدة المحملة بعناصر سلبية عديدة
أهمها الصراع العربي الإسرائيلي بين العالم العربي والإسلامي، والولايات
المتحدة من الذين أدركوا خطورة ما جري وكارثيته، نجيب محفوظ، أذكر أنه
عندما نقلوا إليه خبر ما جري أنه قال معلقا 'رحنا في داهية'
بغض النظر عن سياسات الولايات المتحدة في المنطقة، فإن الحدث في حد ذاته،
جريمة ضد الانسانية، لقد كان المجتمع الأمريكي مفتوحا لكل جنسيات العالم،
يتقبلهم كمهاجرين، وكطلاب علم، ومنهم أولئك الذين قاموا بغزوة نيويورك
'كما يطلق عليها بن لادن والظواهري'، كان بعضهم يدرس الطيران في الولايات
المتحدة نفسها، كانت أبواب الولايات المتحدة مفتوحة للجنسيات كافة. وفجأة
يقوم نفر من أولئك الذين دخلوا للعلم أو للاقامة، بخطف طائرات مدنية
والهجوم علي مبني مدني، إنني في مثل هذه الأحوال أضع نفسي مكان الطرف
الآخر، ولنتصور بشرا آمنين يتجهون إلي أعمالهم، ويستيقظون في بيوتهم،
ويبدأون يومهم، ثم يفاجأون بحميم ينقض عليهم، وينهار المبني الضخم علي من
فيه ويفقد ثلاثة آلاف انسان حيواتهم في لحظات، ثم يأتي الاعلان عن ذلك من
جانب جماعات تنتمي إلي جنسية محددة وإلي موقف فكري معين، الفعل في حد ذاته
جريمة، ولا يمكن أن يقارن أبدا بهجوم اليابان علي بيرل هاربور والذي كان
جيشا يواجه جيشا، لكن استهداف المدنيين بأي وضع مرفوض في رأيي أيا كانت
الأسباب والدوافع، فليس من الرجولة ولا أي قيم انسانية تفريغ الموت في
صدور آمنين لا يملكون قدرة الدفاع عن النفس.

ها نحن لم نبلغ بعد نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين والعالم
كما يبدو الآن نقيض لكل ما توقعته الانسانية في نهايات القرن الماضي، في
العقدين الأخيرين من القرن كنا نتطلع إلي بداية الألفية الثالثة باعتبارها
ستكون أقل ضراوة وتمنعا من الألفية الثانية التي حفلت بالحروب والصراعات
التي فقد فيها ملايين البشر حيواتهم، وازداد أملنا هذا بعد انتهاء الحرب
الباردة وما صاحبها من صراعات كانت تصل بالانسانية إلي حافة الصدام النووي
المروع، كانت الآمال في عالم يتجه إلي تطوير الحياة ومزيد من اكتشافات
العلم تنتعش، إلي أن خرج علينا صموئيل هنتنجتون بفكرة صراع الثقافات والتي
طرحت كبديل للحرب الباردة، وكان واضحا منها أن المقصود هم العرب
والمسلمون، وفي المقابل جاء البرهان العملي من جانب نفر قامت الولايات
المتحدة نفسها برعايتهم وتدريبهم خلال الحرب ضد السوفييتيين في أفغانستان،
قام بعضهم بغزوة نيويورك التي كانت بداية وضع جديد في تاريخ الانسانية،
كارثي في جملته، لقد استغلها المحافظون الجدد في اخراج مشروعاتهم إلي حيز
الواقع، ومنها الاستنفار الأمني غير المسبوق، وغزو العراق التي كانت
حماقات النظام السابق حافزا ومسببا، واحدي أكبر الحماقات غزو الكويت أولا،
ثم عدم فهم الأوضاع الجديدة في العالم بعد غزوة نيويورك، ترتب علي ذلك غزو
العراق وضياعه كبلد مستقل، وبدء اجراءات تقيم سدا ما بين العرب والمسلمين
من ناحية والعالم من ناحية، الآن ونتيجة لغزوة نيويورك ثم غزوة لندن، أصبح
كل عربي، كل مسلم مشبوها في العالم، فروع عديدة من العلم في جامعات الغرب
أصبحت محرمة علي العرب والمسلمين دراستها، وهذا يعني زيادة تخلفنا، كيف
يمكن لنا تجاوز الوضع الحالي نتيجة لسبتمبر 2001، أتصور أن الجهد الذي
نحتاجه للعودة بالأوضاع إلي ما قبل غزوة نيويورك سيحتاج عقودا عديدة
تتجاوز اعمار من هم مثلي، والأهم من الجهود رؤي جسورة وشجاعة لتجاوز
التخلف والتعصب وكل أسباب العنف، ليس في جانبنا فقط ولكن في الجانب الآخر
أيضا، باختصار.. الانسانية تحتاج إلي معجزة!

مشكورة يا أخت نورا
بالله أنا موافقاكى كلامك زين

الله
الله الله
الله الله الله
الله الله الله الله
الله الله الله الله الله
الله الله الله الله
الله الله الله
الله الله
الله

شكرا لك يا أخت نورا
أحسنت