زينب القصة الفائزة فى مايو 2010

زينب



عندما حلّ المساء المعطّر بأريج الحذر والصمت غفتْ المدينة في أحضان المجهول. والهدوء الحذر نثر أشرعته فوق روابي المخيّم والأحلام الماجنة تعارك القهر وتكابر ناسجةً من ذيول الصمتِ بشائر سرابيّة ، اختنقت الحركة والحذر المنقبض يتمشّى بين شوارع المدينة النائمة.. كسراب أسطوريّ قادم من كوكب بعيد...
لكنّ زينب لا تنام.. لا تتقن فنّ الأحلام..
عيناها السوداوان تكتحلان بصبرٍ مديد.. وشعرها المضفور بالتحدّي سنابل قمح صامدة.. تأبى الانسحاق.. تقاوم المجرشة.. تأبى أن تصبح خبزاً للعبيد.
إنّها تحدّق من نافذة حزنها وتمطّ صبرها.. نظراتها تخترق ظلام الأزقّة الموحشة.. إنّها تنتظر عودة الذاهبين !
ظلام الصمت يفور بأمواج سود تتلاطم بين جدران المدينة ودروبها المقفرة ، وثورة تفور في أعماق زينب.. لكأنّها تخوض حرباً.. تذهب وتجيء بتوتّر نزق.. لكأنّها تجول العالم بأسره من نافذة حزنها.
الجميع في سُبات.. لكن زينب ناشطة الخطى لائبة النظرات.
الليل يناديها :
-نامي يا حزينة .. شدّي الضماد على جراحك المتقرّحات فالصوت مهاجر.. والحقّ مقامر.. والجلجلة الخرساء تهزّ رحم المقابر..
الجميع في سُبات.. والكلاب الشاردة تعبت ونامت.. والوحوش المفترسة التي انحدرت من المرتفعات المحيطة بالمدينة خافتْ وعادتْ أدراجها. لكن زينب لم تخفْ.. هي ليست كغيرها من النساء.. هجرت أنوثتها منذ عصور وحطّمت أواني العطر وسحقت أدوات الزينة.
هي جميلة تلوّن وجهها المستدير بلون سنابل القمح وارتشفت عيناها خضرة المروج وانبسطت قامتها كشموخ أشجار الحور.
الأخبار تمزّق صدر الجرائد.. تنشر أخبار الغائبين.. منهم من تبعثر ومنهم من الجوع يتضوّر ، وبعضٌ منهم تلاشى مع السراب.
لكن زينب تغلق أذنيها.. تطوي الطرقات بعينيها.. ترتشف الأرصفة كاحتساء فنجان قهوة.. تترقّب.. وصبرها متين.. التنّين بانتظار.. وزينب بانتظار.
وشتّان ما بين هذا الانتظار وذاك الانتظار !
الأخبار تنتشر عبر موجات الأثير.. (عملية إرهابية).. (عمليتان إرهابيتان والضحايا كثر)...
زينب تبصق من نافذتها وتقول في نفسها : سوف ألقّنهم درساً ، سوف يعود الغائبون.
جيران زينب يخافون عليها.. من جرأتها .. من جمالها.. يخافون عليها من شدّة أحزانها لأنّها افتقدت كلّ الذين تحبّهم.
ناداها منادٍ : أغلقي النافذة يا زينب.. أوصدي أبوابكِ..
تنهّدت وضجيج الهواء المخزون في رئتيها يزأر كأنها ترفع جبالاً ضاغطة عن صدرها..
-إذا استطعتُ النوم فصبري لن ينام !
انزرعت أمام نافذتها كنخلة راسخة الجذور.. وشظايا تتطاير من عينيها تتوازع في ظلمات الطرقات فتنير الزوايا.. تترقّب.. تنتظر عودة الغائبين..
ناداها الليل :
-أغلقي النافذة.. التنّين يجول ويصول في المدينة..
-لا تخافوا.. سألقّن الأوباش درساً..
تتوهّج نظراتها.. تجحظ عيناها المحمرّتان.. وصورٌ تتدافع أمامها.. إخوتها الأربعـــة.. زوجها.. ابنها الذي دهسته دوريةً... تقول : سوف أسحقهم رغم ضعفي.. لن أستسلم... تدمع عيناها بكبرياء وأنفة.. وتضعف قدماها عن حملها ، فتستجمع قواها الخائرة وتنادي بملء صوتها : (إذا لم يعد الغائبون فلا بدّ أن يمرّ التنّين)... ثمّ تطحن حزنها.. تكدّسه في الخوابي الفارغة...
في صبح حزين استيقظت المدينة مع شروق الشمس الباردة ، ونهضت الهموم في قلوب أهل المخيّم.. وصمتُ الجرائد يفور موزّعاً نبأ استشهاد زينب.. وعندما هرع الناس للتأكّد من الخبر وجدوا التنّين مضرّجاً بدمه الأسود هامداً تحت نافذتها.
وبعدما استقبلت المقبرة الزائرة الجديدة ، وأوصدت بابها ، عاد أهل الحيّ إلى بيت زينب ، نظروا إلى نافذتها.. كانت ما تزال شامخة تحدّق من نافذة حزنها ، وشعرها تنثره الرياح الباردة سنابل واعدة.
وكانت السماء تشتعل بأنجم تشبه الياسمين الدمشقي...

لغة سردية تحتفي بالمجاز .. انتقال بين الراوي العليم وبين صوت الشخصية بمهارة شديدة ، تتخد القصة من الشخصية جسرا تعبر منه الى رمز أكبر ، ومهارة القصة في جعل تلك العلاقات والتفاصيل الواقعية تشي بالرمز وتحلق في فضاء المجاز .. تقبلي مروري

إلى كل الأدباء الكرام اللذين مروا على زينب أشكرهم وأشكر انطباعهم وأثمن تعليقهم لأني بصراحة شديدة أحب زينب حتى العظم ؟؟
اتعلموا لماذا يا أحبتي ؟
لأنها بعد كل موت تنهض أقوى وأقوى

أرسل جل احترامي لكل أديب ينبض قلبه حباَ للوطن وأشد على يد كل من يكتب للقضية
حتماَ كلنا يعلم بأن زينب اليوم محاصرة في غزة
لندعوا لها بالفرج
لكم تقدير الجولانية

أستاذتي الأديبة القديرة عفاف مرحبا بعودتك لنا لتمتعينا بأعمالك الرائعة , الحق أقول قصة تعد من التحف الأدبية الثمينة التي تستحق التقدير , و هذا يرجع للصدق في كل كلمة كتبت و الأحساس الذي خرج من القلب لتجد مستقرها في القلوب , تقبلي معلمتي تحياتي و أرجو ألا تتغيبي عنا ثانية
أستاذتي أرجو أن تتقبلي ملاحظاتي بصدر رحب فالقصة القصيرة فن ذئبقي :
1 _ هناك إصراف في التشبيهات في بداية قصتك و هو ما يقطع إسترسال القارئ مع قصتك
2 _ إنها .. . لكنها ... إنها ... لكنها ، سيدتي التكرار بمثل هذه الكلمات يعطي إنطباع بأنك تحكين حكاية و ليست قصة

الأستاذة الأديبة الجولانية بجد كلماتك جميلة جدا وأسلوبك رائع والأجمل هو صمود زينب

الاخت الجولانية

قصة رائعة من حيث الاسلوب واللغة والفكرة
تحياتى لك ولزينب
اسماء مصطفى

المبدعه حقا الاستاذه الجولانيه
بعد التحيه
اهناكى مرتين الاولى للابداع والثانيه لزينب
اخيكى
badrhhhh
احمد النجار

الله
جمال وروعة يستحقان الفوز بجدارة
الجولانية
دمت رائعة مبدعة كما أنت

ألف ألف مبرووووووووووووووووووووووووك الأديبة عفاف راشد قصة زينب تحفة من التحف الجديرة بالتقدير و هي فخر و شرف لقسم القصة و أرجو أن تقبل مني دراسة لتحفتها ف القريب إحتفاء بها , مرة أخري ألف مبروك و من نجاح لنجاح

(إذا لم يعد الغائبون فلا بدّ أن يمرّ التنّين)

***********************
هكذا يكون الإبداع .. إختصارك الكلى لفكرة قصتك فى هذة الومضة الرائعة

عمل على إثرائها وتوصيلها بواقعها المرير .. سعدت بمرورى بعملك

وسعدك بفوزك فالف الف مبروووك مع خالص ودى بدوام النجاح والتفوق

.. دمت بكل الخير .

تحياتى وودى وتقديرى .

الف الف مليون مبروك

مبرووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووك

الحبيبه الجلانيه

دمتِ بحب

الأخت المبدعة الكبيرة عفاف الرشيد
الجولانية
ألف مبروك فوزك بجائزة المنتدى لأفضل قصة لشهر مايو 2010
و هذه شهادة منا بذلك مع خالص الأمنيات بدوام التوفيق
الرجاء الضغط على الصورة نفسها لتكبيرها

أختي الكريمة أشكر مرورك وانطباعك ولعلنا نتذكر الكثير من النساء العربيات المحاصرات اليوم في غزة ولعلنا نتذكر الأطفال والشيوخ
أكرر شكري

أشكر مداخلتك المميزة يا أختي ناديا وأتمنى ان تنتصر الحرية في غزة وفي فلسطين وفي كل بقعة من هذا العالم الفسيح وطوبى لكل اسطول حرية يبحر في بحارنا وطوبى لكل كلمة حرة تعانق اسماعنا
أشكر مرورك وأتمنى لك الفوز القادم
تحيات الجولانية

أخي الكريم أشكر مرورك وأوصيك ان تحفظ زينب في قلبك وفي فكرك لأنه أختنا وأمنا وابنتا المظلومة في فلسطين والتي تنتظر النصر فلتكن ثورتنا بالفكر والقلم والادب
لك تقدير الجولانية