عاطف الجندي
أخيرًا هل البدر و أضاءت الدنيا بوجودك فى منتداك
يسعدنا تواجدك معنا يدا بيد و قلبا بقلب
لنسبح معا فى سماء الإبداع
ننتظر دخولك الآن
عاطف الجندي
أخيرًا هل البدر و أضاءت الدنيا بوجودك فى منتداك
يسعدنا تواجدك معنا يدا بيد و قلبا بقلب
لنسبح معا فى سماء الإبداع
ننتظر دخولك الآن
عاطف الجندي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى عاطف الجندي الأدبى يهتم بالأصالة و المعاصرة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
صدر عن دار الجندي بالقاهرة ديوان مكابدات فتى الجوزاء للشاعر عاطف الجندي .. ألف مبروك
أحبائي بكل الحب تعود ندوة المنتدى السبت الأول من كل شهر باتحاد كتاب مصر ويسعدنا دعوتكم السادسة مساء السبت الأول من كل شهر باتحاد الكتاب 11 شارع حسن صبري الزمالك فى ندوة شعرية مفتوحة
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» في يوم الاسير الفلسطيني/ د. لطفي الياسيني
بين شعرية الحلم وفلسفة الرؤيا في قصيدة عاطف الجندي Icon_minitimeالسبت أبريل 15, 2023 1:27 am من طرف لطفي الياسيني

»  مطولة شعرية الجزء الاول مهداة للاستاذة الشاعرة حنان شاعرة م
بين شعرية الحلم وفلسفة الرؤيا في قصيدة عاطف الجندي Icon_minitimeالأحد مارس 12, 2023 4:27 pm من طرف لطفي الياسيني

»  عيد الاحزان والاسرى في عتمة الزنزان/ د. لطفي الياسيني
بين شعرية الحلم وفلسفة الرؤيا في قصيدة عاطف الجندي Icon_minitimeالجمعة مارس 10, 2023 8:49 pm من طرف لطفي الياسيني

» تحية الى المرأة في 8 آذار / د. لطفي الياسيني
بين شعرية الحلم وفلسفة الرؤيا في قصيدة عاطف الجندي Icon_minitimeالثلاثاء مارس 07, 2023 7:54 am من طرف لطفي الياسيني

»  ردا على قصيدة الاستاذ الشاعر الفلسطيني الكبير شحده البهبهان
بين شعرية الحلم وفلسفة الرؤيا في قصيدة عاطف الجندي Icon_minitimeالخميس مارس 02, 2023 9:19 pm من طرف لطفي الياسيني

» الى روح رفيق دربي عمر القاسم/ د. لطفي الياسيني
بين شعرية الحلم وفلسفة الرؤيا في قصيدة عاطف الجندي Icon_minitimeالإثنين فبراير 20, 2023 12:07 pm من طرف لطفي الياسيني

»  انا المجاهد في العصور / لشاعر دير ياسين*لطفي الياسيني
بين شعرية الحلم وفلسفة الرؤيا في قصيدة عاطف الجندي Icon_minitimeالسبت فبراير 18, 2023 11:51 am من طرف لطفي الياسيني

»  في ذكرى الاسراء والمعراج/ د. لطفي الياسيني
بين شعرية الحلم وفلسفة الرؤيا في قصيدة عاطف الجندي Icon_minitimeالخميس فبراير 16, 2023 1:12 pm من طرف لطفي الياسيني

» الى روح شاعر فلسطين الكبير محمود درويش / د. لطفي الياسيني
بين شعرية الحلم وفلسفة الرؤيا في قصيدة عاطف الجندي Icon_minitimeالخميس يناير 26, 2023 1:11 am من طرف لطفي الياسيني

Navigation
 البوابة
 فهرس
 قائمة الاعضاء
 الملف الشخصي
 س و ج
 ابحـث
منتدى عاطف الجندى الأدبى
Navigation
 البوابة
 فهرس
 قائمة الاعضاء
 الملف الشخصي
 س و ج
 ابحـث

 

 بين شعرية الحلم وفلسفة الرؤيا في قصيدة عاطف الجندي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عاطف الجندى
المدير العام
المدير العام
عاطف الجندى


الدولة : مصر
الجوزاء عدد الرسائل : 14290 الهواية : الشطرنج
نقاط : 13287 تاريخ التسجيل : 01/05/2007
بطاقة الشخصية
مرئى للجميع:

بين شعرية الحلم وفلسفة الرؤيا في قصيدة عاطف الجندي Empty
مُساهمةموضوع: بين شعرية الحلم وفلسفة الرؤيا في قصيدة عاطف الجندي   بين شعرية الحلم وفلسفة الرؤيا في قصيدة عاطف الجندي Icon_minitimeالأربعاء أبريل 06, 2016 5:27 am

بين شعرية الحلم وفلسفة الرؤيا في قصيدة "لا شيء يشبهني سواك"
للشاعر المصري "عاطف الجندي"
الناقدة والتشكيلية التونسية: خيرة مباركي


إن عالم النص عالم  متشابك غالبا ما  ينطلق من واقعية التاريخ لكن سرعان ما يفارقه  إلى إنشائية التخييل وذلك  عبر  آليات ودوال تمكن من  إصابة مدلول أو  مقصد قول ، في إطار تجربة مخصوصة ..وقدرة صاحبه إنما تكمن في كيفية حبك تفاصيل هذه التجربة ليطوعها لما  يعبر عن ذاته  ..بهذا فالعمل الفني هو الذي يدخل في صراع مع العالم الواقعي إما من أجل إثباته أو نفيه.إلا أن العمل الأهم هو ذاك الذي يقلق علاقتنا بالواقع ، ويجعل اللغة خطيرة ، مراوغة ، تخفي أكثر مما تفصح وتبطن ما لا تظهر ودور القارئ هو أن يتوه في متاهاته  ويتلصص على طبقاته السفلى واقتناص مخبوئه ،  لنلج إلى أعماق هذه الذات فنسبر  أغوارها ونستكنه دواخلها  ..لعلنا نقف على بعض ملامح هذا القلق  في هذا النص للشاعر المصري عاطف الجندي ..هو نص نسج فيه من الحروف سيلا نابضا بحرارة الوجود..وجود الفرد الذي يبعثره الواقع أشلاء فتنشأ تبعا لذلك سياقات متناثرة ، لتحدث مفارقات عجيبة أطرافها متلاشية  كالحلم والواقع ..الكون والعدم ..الصمت والكلام..النثر والشعر..كل ذلك مأسور بأحبولة اللفظ وموضوع في متاهة المعنى ..تلك هي قصيدته  "لا شيء يشبهني  سواك " ..إنها قصة الفرار من الحلم نحو آفاق مترامية  تتأرجح بين الواقع والمتوهم ، ليكون هذا النص  من هذا المنطلق بمثابة الأحجية الكبرى التي تلاشت عناصرها بين أزمنة وأمكنة مختلفة ..وتشتت الذاكرة بين تاريخها والوطن الذي مرت عليه الحضارات وحلقت في  أفقه ..ولكنه  لغز يحيرنا ..قائم فينا ..هي مقاصد هذه الرحلة والمغامرة التي تخوضها  هذه الذاكرة  المثخنة بآلام  الواقع وهواجسه ..القلقة المتوترة ..هذا يجعلنا نطرح التساؤل على التساؤل حول جدوى  هذه  المغامرة ..هي رحلة تيه تجعل من ذاته ذوات  ومن شخصه حضارات  ..وتتحول الأنا المتلفظة التي  حيرتنا  بضمائرها المتعددة إلى إشارات اجتماعية وشخوص نمطية بتلاوين إيديولوجية وصور رمزية .. بهذا نكون أمام نص مميز ومختلف عما ألفناه في شعر الشاعر..لعله أيقونة شعره ..ولهذا عنون به ديوانه ..وهذا ينبئ بقيمة هذا  النص  ..وفرادته في وجدانه وفي تجربته الشعرية ..  قد يكون صورة لعاطف  الجندي الحقيقية التي توارت بين تلابيب هذا النص بأبجدية حلقت في فضاء الرمز واستحضرت  جملة من المرجعيات المختلفة لبناء الصور الشعرية وإنشائها إنشاء جماليا عبرت عن مشاعر صادقة وبوح  باذخ يبوح من خلالها بملابسات لحظة تاريخية هامة من حياته  ، جعلته يراجع حساباته ويجول في أرجاء ذاكرة ، يسترجع من خلالها ذكرياته الشخصية ومن خلالها يطل على الواقع . إطلالة  تأمل للواقع والوجود ..وهذا ما  جعله  يفلسف هذه اللحظة ويتوه في شعاب الذهن والفكر ..لعله مخاض تجربة أو لحظة تاريخية هامة في حياته..هي لحظة تحول رآها من مرحلة يظهر فيها الشاعر عاشقا يترنم بأناغيم الجمال وعشق السحر ويرتل  تسابيحه في محرابه إلى مرحلة جديدة للتأمل واستكناه الوجود ..والتجاوز في الشعر والحياة ..وقد أفصح عن ذلك في إحدى قصائده :
     وأكتب للحسن
    شيئا مثيرا
    وأجمل شعري
                  ما لم أقله  
      لعلها أجمل شعره وأكثرها تعبيرا عن وجدانه وقربا من تجربته الذاتية.. وأول ما يطالعنا في هذا التشكيل الممتد العنوان " لا شيء يشبهني سواك " وقد ورد جملة أقيمت على الحصر لتفيد معنى التأكيد.  وهو تأكيد على فرادة وتميز المتكلم ولكن باستثناء واحد هو المخاطب.. وهو مقول جرى على لسان الأم متجهة بخطابها لذات الشاعر .وهذا من شأنه أن  يحصر المشابهة بين الطرفين في إطار من التوحد ..ولعل ذلك ما يكسر القاعدة في وظيفية العنوان  من كونه مبتدأ يخبر عنه المتن الشعري ليحقق الوظيفة الاستباقية ..إلى كونه  لاحقا  للسياق النصي ..فبعد الحيرة وعنت البحث عن سر هذه الذات ..تعطي الأم بعض ملامحها وتقر إقرارا بالانصهار والتماهي بينها وبينه ..وهنا قد تتراءى لنا صورة هذه الذات .. ولكن تواجهنا لعبة ضمائرية فيها مخاتلة نابعة من تداول الخطاب عبر ضميرين وذاتين  هما الأم والابن ولعل ذلك ما يعمق التماهي والانصهار بينهما أو لعله مظهر من مظاهر  الحلولية ..فالأم هنا هي الوطن والوطن هو الأم ..هي مصر وهو كمصري منصهر في أحضانها ..متعلق بتلابيبها ..وهذا ما نجده في العديد من السياقات والدلائل في لحظة تأمل يستحضر من خلالها تاريخ مصر القديمة..لقد فرك عيني هذا التاريخ وأطل من خلاله على عظمة حضاراته..إنه الشعور بالانتماء  ومحاولة الإحاطة بتاريخها في ذهنه ووجدانه ..ولعلنا ندرك المعنى الذي يتوارى خلف  هذا الخطاب فقد  أكد على الجانب الديني والحضاري من خلال توظيف جملة من الرموز بعضها  يتجذر في أعماق الأساطير باستحضار رموز  أسطورية مصرية قديمة :
  وتظل حتشبسوت يا  (هابو) الجميلة
 معبدا للقلب يذكرني
 وأذكره وماس الشوق يملأ مقلتايا
و"حتشبسوت" هي أول ملكة  تحكم مصر كانت مشهورة جدا ، وكان لها عديد الرحلات إلى  بلاد "بونت" وهي الصومال حاليا  ..أما "هابو" فهو معبد فرعوني شهير..وأول مكان على الأرض تظهر فيه فكرة الدين..وأول معبد للعبادة في مصر والعالم . ورغم ما حلت به من كوارث وزلازل إلا أنه بقي صامدا شامخا..كما أشار ضمنيا إلى الديانات التي تعاقبت على مصر:  
   ونزلت في النهر القريب لكي تعمدني عيونك
   كنت أحلم بالهلال
   وكنت أنت بداية التكوين
   في سفر الخروج إلى الجحيم
   ينطوي السياق على جملة من الرموز التي تدلل على أن هذا الوطن هو ملتقى الديانات، فقد حضر الإسلام من خلال صورة الهلال..وحضرت اليهودية من خلال قصة موسى ومعجم دال عليها ( بداية التكوين، سفر الخروج..) كما حضرت المسيحية عبر صورة التعميد، ولعلها إشارة إلى قدوم المسيح إلى أرض مصر وهو صغير وعاش بها مع أمه، كما ذكر التاريخ . هذا فضلا عن الديانة الفرعونية.. وهذا الخطاب ليس بريئا  إذ الجمع إنما ينطوي على مسكوت عنه إنه إشارة ضمنية إلى الواقع الذي بات رهين الصراعات العرقية والإيديولوجية والمذهبية ..كلها تنضوي تحت لواء الدين ففقد الوجود معناه وتاه الإنسان بين الحق والباطل ، وبين الوجود  والعدم ...وأصبح الأخ يقتل  أخاه باسم الدين  ..
  وبالتوغل في النص لا تخفى عنا الخلفية الفلسفية التي جسدها شعرا وتأملا...فالقصيدة  برمتها عبارة عن لحظة تفكير عميقة ، لعلها لحظة اقترنت بما عاناه من أزمة نفسية وصحية واجتماعية هذا فضلا عن ضياع بعض أشعاره مما كان له بليغ الأثر في  نفسه .. جعله ينقطع عن الشعر مدة ليست هينة بالنسبة إلى شاعر، شعره هو  نفسه وقلبه  النابض ..كل ذلك ارتبط بوجوده ككل ..فلا يمكن أن نستجلي  جملة الخصائص الفنية في هذه القصيدة ما  لم ندرك هذه الظروف التي حفت بتجربةالشاعر..لعلنا ندرك فيها بعض الملامح الذهنية الوجودية أو لعلها ملحمة ذاتية في علاقتها بالموضوع..أو ربما هي ترجمة لمرحلة التجربة النفسية  المبتورة ..كل ذلك  عبر  عن فعل  شعري تلقائي ..ولن نقول أنه  تأثر  بنظريات "ديدرو" و"روسو" ولا بفلسفات "سارتر" ولا  "كامو" أو "كافكا" .. ولكنها فلسفته  الخاصة التلقائية ، تتصل بحيرته الذاتية ولكننا  أدركناها وأدركنا بعض تجليات هذه الفلسفات من خلال  هذا  النسيج النصي ..يبدو  من  خلالها مأزوما  موجوعا ، في قمة الشعور باليأس والإحباط ..إنه مقول من رحم الوجع والألم  .. لعلها قصيدة الهروب من  ظله ..من واقعه .. فيطرح السؤال  على  السؤال ..ويهيم في اللا نهاية كعشاق الحق ..ليكون بذلك  الخطاب تأملا في الوجود ..وجوده  الفرد في علاقته بذاته وبالموضوع والله..حيث أكد حيرته الوجودية من خلال التساؤل حول معرفة سر الوجود وإدراك مصير الإنسان وعلاقته بالكون.. لقد  باغتت الشاعر  أسئلة الميتافيزيقا .. فيتحول الخطاب من بوح التناجي إلى  قلق السؤال .. إنه يمزج همومه الميتافيزيقية  بهمومه الواقعية دون أن يشعرك  أنه قد فعل شيئا من  ذلك  :
     أتذكر الولد الذي عشق السؤال عن الخبايا
     من  أنا ؟
     ما الله ؟
     ما سر الوجود ،  وكيف أبحر في الغياب
     سفين جدك واستبد به الحنين مسافرا  
     خلف المنايا
    ***
    من هي ال عشقت حبيبي
    من هي ال سحرت  ضنايا ؟
    من تلك ، من شردت بفكرك
    من جعلت براقها يحملك  للسهد المقيم
    على سديم  من شظايا ؟
   تتكثف الأسئلة في هذا السياق النصي لتعمق حيرة المتلفظ الذي ينصهر تركيبيا بين ملفوظ الشاعر وملفوظ الأم وهو  في الواقع ملفوظه لأنه يعبر عن ذاته ويفصح عن  حيرته  ..وما حضور الأم في هذا الخطاب إلا مجرد لعبة يمارسها الشاعر  ..يخاتلنا ..ويبث الروع فينا ..بهذا قد تكون الأم صورة الدنيا المحجبة ..دنياه وحياته وذاته ..يجرد ذاتا من داخله يخاطبها ،  لتغدو حمالة معاناته وحيرته ،  تعبر  عنها ..إنها وجه من وجوهه التائهة في  غياهب العدم ..تعبر عن  عبثية اللحظة التي يعيشها ..ويسعى لاقتناص لحظة أخرى تنتشله من واقعه وهذا ما يفقده معنى وجوده فيسعى ليجد لذاته  معنى ..
  هنا وفي هذا السياق يكون السفر إلى الماضي ..هو سفر في الزمان يقترن باستحضار المكان ويرتبط بأحداث وشخصيات وهو ما يجعل القصيدة تنفتح على القصة .. ليرتحل بنا إلى عوالم قصصية قد لا تحكي واقعا ولا تستعيده لتسرده من جديد بل ينطلق منه لحاجة شعرية ..يخاطبه ويحاور معانيه انطلاقا  من حالة حاضرة ..فالحاضر يستدعي الماضي بكل أشكاله البعيد والقريب ، الذاتي والموضوعي ..ويأمل من هذا التوحد أن يجد لذاته معنى ..هو يحلم ، ولكن الحلم خدعة قائمة بذاتها ، فيستعير الزمن ليعبر عن اللحظة الضائعة ..يعود إلى الماضي القريب وهو ما يتصل  بحياته  الشخصية عبر ومضات كأنه يريد بها أن يغتسل من ذنوب الحاضر منها ما يتصل بمرحلة الطفولة ..قد تكون إشارات لحكايات فعلية حقيقية ولكنه يسربلها بالفن والخيال ويشكلها باللغة حتى  يتوه بنا في عوالمه .. فيرتقي بالتجربة الطفولية الساذجة البريئة إلى مستوى رمزي مدهش ..فتتواتر الترجيعات لما كان يتردد من الأم والجدة :
     لي  في الطريق إلى الطريقة
    نجمتان
    ويمامتان على طريق الريح  
    تنتظران
    وتهيجان براءتي
    لتقبل النحل الذي ترك القفير
    ليجتلي رؤيا الحقيقة  
    أمي تعد فطور ذاكرتي
    وتكثر من مرايا الجن والسفر الطويل
    على مهاد من حكايا
    إنها أصداء لوعي جمعي وخرافي ، قد يكون عاشه الشاعر حقيقة في طفولته هي أجواء أسطورية خرافية : صورة الجن يخرج من الحائط ..قد يكون إلتجأ إلى ذلك نتيجة لانعكاسات الخرافات التي تسود المجتمع حينئذ .فمثل هذه الخرافات والحكايات الأسطورية ترددت مرارا ، صورة الغول  يخرج  من الجدار حتى ينام الطفل وتنعم الأم بالهدوء ..لعلها صورة تقتحم ذاكرته وتنبجس من جديد في الحاضر ، لتتحول  من صورة الطفولة  الخائفة إلى الكهولة التائهة..إنها صورة  الخوف وانعدام الأمان .."الغول" هو الثقافي المكتسب الذي يخرج من جدار أصم ..حقوله قاحلة وأوراقه ذابلة ..آيلة للسقوط ..لعله صورة الموت الذي يترصد الإنسان المعاصر دون ضجة أو طبول أو مواكب . هي لوحة قاتمة فقيرة مرشحة للموت . بذلك تكون هذه الصورة انعكاس لموقف من المجتمع لأن هذه الأساطير تحمل دلالات رمزية عديدة  ..ويتدحرج بنا السياق ليأخذنا بين الأسطورة والواقع معا يشكلان زمن القحط الفكري واليباب والعجز عن الفعل والالتجاء إلى الوهم..إنه زمن المحرمات  والابتكارات الدينية ..فلا يملك المرء غير  الوهم ..ثم تأتي  ومضة الشباب والحب المتفجر رمز العاطفة ..بين مطلق الإرادة وحدود الإمكان فالحب كفيل  بإمساك الأرض ومنعها من  السقوط :
    والآن شاربك الوسيم
    يخط بوحا في تراتيل الصبايا
    من  تلك ، من ألقتك في لهب الجنون
    وأشعلت فيك الخلايا ؟
    هي بنت عمك
   أم بنات الخالة الشقراء
   أم عرب وروم
   تسبيح بك الحنايا ؟
    إنه سياق مفعم  بروائح  العشق والطفولة يقيم من خلاله موازنة بين الحب  والوطن ..بين العشق والانتماء .. لعلها منطلق لموازنة أخرى بينه وبين الكون في رؤيا كونية شمولية ، وخاصة عندما ترتبط  بالماضي البعيد الذي أشرنا إليه ..يعود فيه الشاعر أدراجه إلى زمن الأسطورة ثم يطل على أعماق  التاريخ الحاضر. يستدعي الماضي ولكن لا ترتيب ولا تتابع  إنه استطراد وضرب من التداعي الحر للأفكار ، ليخبر التاريخ الفرعوني والإسلامي والمسيحي واليهودي عنه ، فيعلن عن هويته  : هو "إنسان"  يعلنه كقصد ..كتفسير لحالته الشعورية .. لعله يترجم عن زمن اللحظة الحاضرة المفتتة ، الهاربة وهي لحظة متشابكة ، متفاعلة صاخبة ،  هدارة ..كالصراع وصامتة ، ساكنة تتسرب كالقتل البطيء التي يتقطر  قطرة قطرة ..ولكنه في  لحظة من لحظاته يكبح جماح الخيال وينطلق في تفاؤله ويستعيض عن اللحظات  الماضية برؤيا المستقبل ويعلن سفر خروجه من دوامة  الواقع والوجود يعلنه بداية تلميحا على لسان الأم :
   (حوريس) فارجع نحو أمك بالتفوق
   كي تزين بك الزوايا
  تعلنه "حوريس" وهو الإله حورس في الميثيولوجيا الفرعونية ..هو الحارس الإله الذي  انتقم لمقتل أبيه "أوزوريس" من عمه "ست" إله الشر ..وهنا  يظهر الرمز الأسطوري للتعبير عن واقع معاصر، هو واقع دموي ..يقتل فيه الأخ أخاه ..وما دعوة الأم إلا استنهاض للهمم لاجتثاث هذه  الظاهرة .. وتعول في ذلك على الجانب الثقافي والقيمي ..كما أعلن عن  هذا الحلم تصريحا حين صدح به :
   سأظل يا إيزيس أحلم
   أن تخلدني المعابد قصة  
   فوق المسلات التي
   تحوي النجوم كعقد خرطوش
   سيحمل لي الثنايا مع السنايا
   وتظل حتشبسوت ، يا (هابو) الجميلة
   معبدا للقلب يذكرني
   وأذكره وماس  الشوق  يملأ مقلتايا
    لقد بدت القصيدة نتاجا لنشاط  تخييلي للاوعي  تجلى  للوعي بطريقة هي إلى حد ما مفاجئة  ،  كرؤيا  أو  كهذيان مكبوت .. هكذا قد نراها في ظاهر النص  ..لكنها  نتاج حالة  نفسية فيها انفجار تلقائي في  اللغة استطاع الشاعر عاطف الجندي أن يخترق الواقع عبر صور  فنية  ذات دينامية  دؤوبة لتغيير نظم الأشياء والعالم  من حوله ، في أفق بناء واقع  آخر، غير  ذلك الذي كان من المفروض أن يمثله الكلام  .. بهذا تصبح ممارسة اللعبة الشعرية من داخل الصورة الفنية هي ممارسة للخلق والابتكار لا ممارسة للتمثيل الذي لا ينفذ إلى عمق الأشياء وعمق الوجود..لذلك لا يمكن للتجربة الشعرية البتة أن تكون رؤيا بغير سحر الصورة الفنية . وهذا ما أوقفنا عنده الشاعر حين أعاد البناء وخلق عالما جديدا تقاطع فيه الحاضر والماضي، الواقعي والأسطوري، الديني والدنيوي..فيختلط التاريخي الراهن بالرمزي  المقدس مكانا وزمانا .. لقد غمرت  النص روح دينية وأسطورية وتاريخية ، فحررت الزمن من قيده التاريخي ..والمكان من قيده الجغرافي والناس من شروطهم التاريخية .. فتختلط صورة الأسطوري  ( حوريس) بالذات المتلفظة فإذا نحن أمام إشكال إن كانت رمزية الواقع أم واقعية الرمز ..
النص:
لا شيءَ يُشبهني سِواك
شعر عاطف الجندي

لي في الطريقِ إلى الطريقةِ
نجمتانْ
ويمامتانِ على طريق الريحِ
تنتظرانْ
وتهيجان براءتي
لتقبّلَ النحلَ الذي ترك القفيرَ
ليجتلي رؤيا الحقيقةْ
أمي تعدُّ فطورَ ذاكرتي
وتكثرُ من مرايا الجنِّ والسَّفر الطويلِ
على مهادٍ من حكايا
***
لتزركشَ الوجعَ  المبكرَ ، والجنونَ بسندريلا
ها سبعةٌ هاموا من الأقزامِ  
يشتعلونَ خلفَ البنتِ
ذات الحسنِ في فرط الدلالِ
وغولُ ليلِ الخوفِ
يخرجُ من جدار السَّردِ ، يدهمني
لأبكيَ بين صمتِ الليلِ
أصرخُ  في المدى
رُدَّ المواجعَ عن عيوني الطيبينَ
وكن نبيَّا - يا أبي - وارحم شقايا
***
أماه .. هذي القصةُ الشوهاءُ
تأكل من عظام الآمنينَ
فغلقي الأبوابَ عن طحن القميصِ
وعَطّلي هذى الرَّحايا
***
جنٌّ سيسجنني بخاتم بطشه ِ
لا الصبحُ ينقذني ، فردي للورودِ حديثَها
فالعامريةُ قبلت قيسًا ، وأهدت سرَّها للعاشقينَ
فردِّدي  سحرَ الرواياتِ العتيقةِ
جَرِّدي سيفَ ابن ذي يزن المهيبِ
وقدمي للبوحِ شايا
في مجالسِه .. ونايا
***
قولي لفارسِك الصغيرِ نبوءةَ الوجع الذي
كتبَ المشاعرَ سُنبلاً
وأضاءَ من دمعٍ تقطرَ
فوق خدِّ البرعم القروي أسرارَ الخفايا
***
للطفلِ في صبح المدارس دَمعةٌ
كتبتْ فصولَ هتونها
بين انشطار الدفءِ ، والأملِ المخاتلِ
في ثريَّات السَّجايا
***
كراسُك المنقوشُ ، والقلمُ الجميلُ
ومقلةٌ زرقاءَ ، تتبع ظلك المحبوبَ
كي تحرسْك من عين الرزايا
***
( حوريس ) فارجع نحو أمِّك بالتفوقِ
كي تُزينَ بك الزوايا
***
ولدي كبرتَ
وصرتَ نجمًا في فضاءاتِ المزايا
***
والآن شاربُك الوسيمُ
يخط بوحًا في تراتيل الصبايا
***
مَنْ تلك ، مَنْ ألقتكَ  في   لهبِ الجنونِ
وأشعلتْ فيكَ الخلايا ؟!
هي بنتُ عمِّك
أم بناتُ الخالةِ الشقراء
أم عربٌ ، ورومٌ
أرسلوا مَنْ كبلتك بضوءِ عينيها وراحتْ
تستبيحُ بك الحنايا ؟!
***
لا شيءَ يشبهني سِواكَ
فعدْ لأمك كي تعدَ لك الثريدَ
قميصَك المغسولَ ، جوربَك الجديدَ
وقصةً تختالُ قد  غرستْ رؤاها ..
في رؤايا
***
لم يختزلك سوى أنايَ ، وأنتَ وجعي في المخاض
فشلتُ في تزييفِ عالمِكَ الطفولي
انتبهتَ ، وكنتَ أكبرَ من مجرد قطعةٍ للَّحمِ
ترفضُ كلَّ مُرضعةٍ عَداي
وكلَّ  مخلوقٍ سِوايا
أتَذَكُّرُ الولدَ الذي عشق السؤالَ عن الخبايا  
من أنا ؟!
ما الله ؟!
ما سرُّ الوجودِ ، وكيف أبحرَ في الغيابِ
سفينُ جدِّك واستبدَّ به الحنينُ مسافرًا
خلف المنايا
***
مَنْ هي ال عشقت حبيبيَ
من هي ال سَحرت ضَنايا؟!
مَنْ تلك ، مَنْ شردتْ بفكرك
مَنْ جعلتَ براقَها يحملك للسهد المقيمِ
على سَديمٍ  من شظايا ؟!
***
هي بسمةُ الصبح الجريحِ
بطلةٍ .. أماه تختزلُ المواجعَ
كي تعيدَ الكونَ للدورانِ
كي تهدي تفاعيلَ القصيدةِ للعطور
ترشَّ عُنابَ الشفاه
على الورودِ
لكي تبث الشمسَ في خدِّ  المرايا
***
هي بنتُ حُلمي ،والمواسمُ للعناقِ
نبوءةُ الكلمات عند مخاضها
لتسطر الضوءَ الجديدَ على عقارب ساعتي
كانتْ وكنتُ ...
وكنتُ أختزل البناتِ على حروفِ بهائها
وجعًا تهدهدني
لينهمرَ النشيدُ إلى البرايا
***
أمي وضوءٌ مسَّني
يا بنتُ من دمع السهاد ، أحالني
سَفرًا  يجيء على هوايا
***
لولاك ما اخترت الكتابة
كنتُ شمعا
والمدى هذا الفراشُ ، يلفني
ونزلتُ في النهر القريب لكي تُعمدَني عُيونُك
كنتُ أحلم بالهلالِ
وكنت أنتِ بدايةُ التكوين
في سِفر الخروج إلى الجحيمِ
وكنت أحلم بالرسالةِ
كان يبعثني الطنينُ محلقا
وأبثُّ في ثقةٍ .. وصايا
***
لا قتل هذا الكونَ سوف يهزُّني
لأهرِّبَ الطينيَّ من جسد الغوايةِ
في تهاويم البراءة
هذه الألواحُ أكسِرُها
لتشرقَ في دمايا
***
بوابةً للحزن
أم وقعَ القديمُ على خطاي
ووقع من وقعت خطاه ..
على الخطايا
***
سأظل أحلمُ
سأظل يا إيزيسُ أحلمُ
أن تخلدَني المعابدُ قصةً
فوق المسلات التي
تحوي النجومَ كعقدِ خَرْطوشٍ
سيحملُ لي الثناءَ مع السَّنايا
***
وتظلُ حتشبسوتُ ، يا ( هابو ) الجميلة
معبدًا للقلبِ يذكرني
وأذكرهُ
وماسُ الشوق يملأ مقلتايا !
***
القاهرة 18 فبراير 2016


* خيرة مباركي .. ناقدة تونسية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://elgendy.ahladalil.com
 
بين شعرية الحلم وفلسفة الرؤيا في قصيدة عاطف الجندي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ترجمة جزء من قصيدة " قل وداعا ... عاطف الجندي "
» أنت .. !!! رداً علي قصيدة / أنتِ .. للشاعر / عاطف الجندي
» قراءة في قصيدة(قل وداعاً)للشاعر عاطف الجندي.!
» قصيدة ( منتدى عاطف الجندي الفائزة يونيو ) 2010
» قراءة في قصيدة " أشواق الجازورينا " للشاعر عاطف الجندي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
عاطف الجندي :: منتدى الإبداع الأدبى :: نقد ومقالات-
انتقل الى: