حلب قصدنا وأنت القصيد..!

حلب قصدنا وأنت القصيد..!
شعر:محمد الزينو السلوم

-----------------------------------------

لـيـلى لـعـلّي كـبـيــر الـذنــب أرتـكــــب

تـبـكـين ؟ أعـتـب ؟ بـعـد الدمـع لا عتـبُ

حــزيــنـــة والــذي يـجـــري تــــراه أتـى

في غـفـلـة لــم يـكـن لـيــلايَ يحتـسـب

أقيس مـاذا ؟ رمـاك الـدهـر في وصـب؟

هـيّـا أرحـهــا ؟ وهــذا بـعـض مــا يـجــب

يـقــول قـيـس ودمـــع الـعـيـن يـسـبقـه

مــا حـيـلـتـي ؟ وأنـا قـد هـزّني الـعجـب

دمـعـي الـذي لـم يـزل يجـري وينسكـب

مـن الـفــراق، تـتـالـت بــعــده الــنــــوَبُ

بــعــد الــذي مــرّ مـن شــوقٍ ومـن أرقٍ

بـدأت أســأل : أيـن الـحــب يـا عـــرب ؟!

بـعــد الــذي ألـهـب الأحشـاء مـن وصـبٍ

جــاء الـفـراق، وبـات الـقـلــب يـلـتـهـــب

لمّـا افـتـرقـنـا كـوانـي الـبـعــد يا حـلــبُ

مـا طـال، حيـث انتـهى لمّـا أتى الطـلـبُ

فـالشوق لمّـا طـغى، لـبّـيتُ في عـجــلٍ

لا مـا أبــيْــتُ وهــذا بــعــض مـا يـجـــب

كــان اللـقــاء، وكــان الـحــب يـجـمـعـنــا

وكـان مــن بـعـضـه الأفـــراح والــطـــرب

هـي المـحــبــة يـا شــهـبــاء نُــتــرعـهــا

كـؤوس نجــوى وإن عــادوا فـهـم ذهــبُ

عـلى ثــراك مـشــيـنــا دونـمـــا تــعــــبٍ

وكــم مـن الـعمـر مـرّ الحــزن والـتـعـب ؟

وكــم دمــوع سـكـبـنـا والـفــراق جـفــا؟

ما أصعـب الــدمــع لـمــّا كــان يـنسـكـب

حـبّـي لـهـا بـات كـالـبـــركــــان ثــورتـــه

إذا اسـتفـاض طغى في فـيضـه اللـهـبُ

ها قد عشقت وتـاب الـقلـب خـوف أذىً

والـيــــوم عــدتُ فـأيُّ الـذنــب أرتـكــب؟

أمضيــتُ عمـري كمـن يـفنى بمــوطـنــه

وكـيـف لا ؟ خــوف أن يُـغـزا ويُـســتـلــب

فالمرءفي حـبّــه الأوطــــان مــفــخـــرةً

بــهــا يـُـــكــرّم مـا تـــعـلـــو بـه الــرتـــبُ

والحــرّ لا يــرتجـــي ظـــلـمــاً إلى أحــــدٍ

والحــرّ يـأبـى الأذى إن جــرّه الـــغـضــب

يا منيـة الــروح كـــم هــام الفـؤاد هــوى

وكــنــت للــقـلــعــة الشــمّاء أنـتـســب؟

على الـمـنـــابر كــم أنشــدتُ يـا بـلـــدي

ونـالـنـي الـخـيـر حـيـث الملـتـقى عــذِبُ

وفـي (أزقّـتـهـا) كــم ســرت مـنـتـشـيــاً

وفي حـدائـقـهـا كــــم هــزّني الـطــرب؟

وفي (مـديـنـتـهـا) الأسـواق كـم عمُــرتْ

بالـزائــرين وكــم طـابـت بـهـا (الـكـبـبُ)؟

وفي كـنـائـسـهـا كــم قـلــت واعـجـبـــي

وفي جــوامـعـهــا كـم شـدّني العـجــب؟

فـي الـمـكـتـبـات لــكـم رحـنــا نـبـادلـهــا

حــبَّ اللـقــاء وكــم أغــرت بـنــا الـكـتـبُ؟

وقـبـل كـانـت "حـزيــران" الـتـي وهـنــت

فـيـهـا الـنـفـوس وحـار الـعـرْب وانـقـلبــوا

آهٍ "جـمـال" على الــذكــرى ومـا تـركــت

فـيـنـا مـن الحـزن لا.لن يـنـفـــع الـعـتــب

وقـبــل حـاربـت في تشـريـن كـيـف لـهــا

أن تنتسى الـحــرب والأخـطــاء تـرتـكـــبُ

نـذرت روحــي لـسـوريـا الـتــي وقــفــت

فـي وجـهـهــمْ حيث كـان الحلـم يـقتــرب

أعـــداؤنـا مـا نـسـوا هـــذا فـمــا فـتـئــت

أفـعـالـهــم في عـيــون الـشـر تـنـتـصــب

قـد بـيّـتــوا الـشـر فيمـا بـعـد يـدفـعـهــمْ

ضـعــف الـعــروبــة ما فــازوا ولا غُـلـبـــوا

وقـفــتُ أســـتقرئ الأيــــام مــا فـعــلـــتْ

وكـــدت مـن لــوعـتـي أبــكـي وأنـتـحــب

تـلـفّــت القـلـب للمــاضي وكــيــف وقــد

صــدّت غـزاةً، وفي ســــيـف لها غُــلـبــوا

كــأنمــا وســيـوف المجــــد في يـــدهـــا

عروس مجـــــدٍ لهــا الأعــــرابُ تنتســــب

لمّــا تـقــــدّم ســيــف الـدولــة انـتـصــرتْ

وأرخــص الـــروح، فـرســان لـهـا وهـبوا..

أرواحـهـمْ في سـبيـل الـنـصـر فانـتصـروا

وصـفّــق المجــد، واعـتـزّت بـــه حــلـــــب

لا الــروم لا الـفــرس لا حـتى الـتـتــار ولا..

كــل الأعــادي بُـعَـيـْــد الـغزو قــد هــربــوا

"حطين" تـشـهـد و"الـيــرمـــوك"حـاضــرة

لـمّــا انـتـصــرنا وكـان نـصـيـبـَنــا الـغـلَــب

يا لـيـت شـعري إذا ما الـعـرْب قــد وقـفـوا

صـفـاً، ونـادى المــنـــادي، أيـهــا الـعــرب :

قــومـوا إلـيـهــم بجـنـح اللـيـل يجـمـعـكــم

سـيـف النـضـال لــكُم في المنتهى الغلـب

عــاث الـعـــدوّ فـســاداً فـي ربـــوعــكــــمُ

والخــوف عشش فـيكـم كـيــف يـنـقـلِـبُ؟

والعـرْب نـامــوا علـى أوجــاعــهـــم زمـنـــاً

والسـيـف أصـدق مـا يـأتــي بــه الـغـضــب

لــم يـركبــوا الخـيــل كي يحمــوا ديـارهــمُ

لـكـنـمـا رأسـهــم في الـخــوف قـد ركـبــوا

مــا عــــــاد يـنــفــــــع لا عــلـــــــمٌ ولا أدبُ

مــا عــــاد يــنــفـــع لا شـعـرٌ ولا خــطــــب

دون المــــدافـــــــع لا قـــــدسٌ ولا وطــــنٌ

دون الــصــواريـــخ لا تُســترجــع الـنّــقـــب

لا . لا ســـــلام ولا تــطــبــيـــــع نـشـــهــده

من الــصهــايـنــة الأنـذال، كـــم كــذبــــوا ؟

لا بــــدّ مــن وحــــدةٍ يا عُــرْب فـاتـحــــــدوا

مـا عـــــاد يـنــفــــــع لا دمــــــعٌ ولا عـتـــب

مـاذا ؟ وأخـجــل يــومــاً أن اقــول لــكــــم :

إلــى الخــيـــــام جـمـيــعــاً أيــهــا الــعــرب

لا لن أقـــول ولــي فـي المرتجـى ســببٌ؟

يـــهـــــون في مـرتجــاه أيّــمــــا ســـــبــبُ

في غــزة الـيـــوم شــعـب صـامــدٌ فـمـتـى

"عـبـاس" يـصحـو عـلى الأعــداء يـنـقـلـب ؟

والـقـدس تشـكـو الأذى والظـلــم يـدفـعـهـا

إلـى الـبـكــــاء وتـأســى ثــــــمّ تـنـتـحــــب

وفـي"الـجـنــوب" رجـــال اللـه قـد وقـفــــوا

كـالـطــوْد ضـحّــوا فمـا لانـــوا ولا انـغـلـبــوا

نـصــرٌ مـن الـلــــه صـلّـيــــنـــا لــــه أمـــــلاً

بـالمــرتـجـى حـيـث كــان الـفــوز مـرتـقــب

آهٍ مـن الـعــرْب والـحـكــــام .. فــرقـــهـــــمْ

حــب (الـكـراسـي) ومــا أودت بـه الــرتــب

مـا قـلـتـــه بــعـض ما يــهـفــوا لـه قـلـمـي

عـنـــدي الـمـــزيــــد ولـكــنْ كــلـــه كُــــرَبُ

من أجـل عـيـنـيـك ِصـغــتُ الشـعـر يا حلـبُ

ســــكـبـتــه فـي كــــؤوس ٍ كــلـهـا نـُخَـــبُ

لمّــا اقـتــربـنــا حـسـبـتُ الـورد يـسـكنـنـي

وفــــاح عـــطـرٌ شــــذاه الأهــل والحســب

أقـــول من فرحـتي الـــدنـيـا هنـا انبسطـتْ

وأمـطــرتْ بـعــد هــذي الـفــرحـة السـحـب

لمّــا الـتـقـيـنــا وفــاض الـقلـب مـنـك هـوى

نسيـتُ روحـي، وكــم في مـهـجـتـي عـتـبُ

سـامـحـتُ في دمـعــةٍ حـرّى ومـا وهــنـــتْ

عـزيـمـتــي، حـيـث كــان الــركــب يـقـتـــرب

وقـلــــتُ : يا مـرحبـــاً أهـلــي هـــمُ وطـنـي

"وإنْ هــمُ ذهـبــت أحـــلامــــهــم ذهـبــــوا"

مــهــمــا بــعُــدتُ ومــهـمــا نـالـنـي تــعـــبٌ

مــهـمــا اغـتربـتُ ومهـمــا حــلّ بــي وصـب

أبــقــى وفـيــاً، وأبـقــى مــخــلـصــاً أبـــــداً

والمـــرء مــن طــبــعــه يأســى، ويــغـتــرب

لـــكــنــه بــعـــد نــأيٍ يـــرتـجـــي وطــنـــــاً

فـــيــهِ تــربّــى، وفــيــه الـمـرتجى يــجـــب

شــــــهـبــاء كــم شـاعــرٍ غـنــاك في ألـقٍ؟

وزيّــنــتـــكِ بـأحـــلـــى الــزيـنـــةِ الشـهـب؟

أغـنـتـــك ، أغـلــتـــكِ ، أمجـــأدٌ نصـبـتِ بـهـا

جسـر الصـمــــود، تــولّــت أمرهـــا القضـب

كــذا الـبــطــولات، إخــــلاصٌ، وتـضـحـيـــــةٌ

وكــــلّ مـا قــيـــــل مــن أعــــدائـنـــا كـــذبُ

جـحــافـل الـعــرْب لـمّــا أقــدمـــت، كــتـبـتْ

تاريـــــخ مجـــــدٍ لـــهـــا الأعــــداء تـضـطـرب

كـــم غـــاب نـجــــمٌ وقـد مــــرّت بــه سـحبٌ

وكـــم أضـــأت سـمـاهــا وهــي تـحـتـجــب؟

يـا مـنــيــة الـــروح : عـشـقـي صـار أغـنـيــةً

أمّــا الأمـــانــي، فـقـد تشــدو بــهــا حـلـــبُ

هــــذا قــصــيـــدي وإن قــصّـــرت لا عــتــبٌ

حـتـى وإن كــان يحـلــو في الهــوى الـعتـَـبُ

إنـي المجلّـي، غـزلــتُ الشـعـر مـن صـغـري

إذا أغــنــّي شــــدا في مــهــجــتي الطــرب

وإن بـكـيــتُ بــكـــانـي الـخـَـلـــْقُ كـلّـهــــــمُ

مـا كــان دمـعـي بـغــيــر العشـق يـنـسـكـب

أخـلصــتُ حتى بـراني الشـوق بــعــد جـفــاً

أضـنـانيَ الـهجــر حـتى كــــدت أحـتـجــــــب

لا كـيـــف أنـســـاكِ يا شـــهـبــاء، فـأتـلـقـي

أنــــتِ الـثـريّــا، لـــكِ الأمــجـــادُ تــنـتــســبُ

عـزّيـت نـفـسي فـمــا ألـفـيـت مـنــك رضـــاً

مـاذا أقـــول لـهــا والـظـلـــم يـرتــكـــــب..؟!

ســـأزرع الـحـلــــم مـهـمـــا نـالـنــي وصــبٌ

واغـرس الـحــب فـي قـلـبـي ولـــو كــذبــوا

أبـقـى وفــيـــاً, وأبــقـى مـخــلـصـــاً أبــــــداً

أنــت القـصـيــــد, وأنــت القـصــد يا حــلـــب

أنــت الـقصـيــد, وأنــت الـقـصــد كــيــف إذا

تـلــوّن الشـعـر بالـنـجــوى..بــدت ســحـب؟

وأمـطـــرت كــوثـراً أغـنــى الـحـيــــاة ســنـاً

أفـاض عـــزاً ..تـمــاهى الـحـسْب والـنسـب

لــيــلـى وأقـســم لـن أنــســاك لا أبــــــــداً

وأمّـتـي..كـيــف لــي أنـسـى لـمـــا يـجـــب

غــداً تـــواكــبــنــا الأمـجــــــاد فـــارتـقـبــي

يـومـــاً لمـقــدمــه بالأمـس كـــــم كـتـبــوا.؟!

دمـي وروحـي فـــدى لـيـلـى..فدى وطـنـي

فـي غـيــر هــذا عـظــيـــم الـذنــب أرتـكــب

شــــــهـبــاء كــم شـاعــرٍ غـنــاك في ألـقٍ؟

وزيّــنــتـــكِ بـأحـــلـــى الــزيـنـــةِ الشـهـب؟

هــــذا قــصــيـــدي وإن قــصّـــرت لا عــتــبٌ

حـتى وإن كــان يحـلــو في الهــوى الـعتـَـبُ.



***















[/OVERLINE]</H1>

الأخ عاطف الجندي
تحية وبعد:
رمضان كريم مباركة طاعتكم وكل عام وأنتم بخير..
قراءتكم رائعة ومتابعاتكم يعتز بها أعضاء منتداك..بوركت..!
تحياتي

استاذ الكبير الشاعر محمد الزينو رائعه من روائعك ماْابدعها هذه القصيدة وجميلة مشاعرك دومت بالف خير
حسنى شاكر

الأخ الأديب حسني شاكر
تحية وبعد:
كل الشكر لك على قراءتك التي أثلجت صدري محبة وتقديراً..بوركت.
تحياتي.

محمد الزينو السلوم

رقتك تغمر القصيدة

ومشاعرك الجياشة بالحب النقى البرىء الطاهر تقطر فى تلك القصيدة كالماء الزلال

تحياتى للنص الراقى وكاتبه الأرقى

الأديبة ندى إمام
تحية الحب والحرية والإبداع..وبعد:
كل الشكر على قراءتك التي تفضلت بها وقد أسعدتني وأعتز بها..
كل عام وأنت بخير..بوركت..حفظك الله..

الأديبة بنت الليل
تحية وبعد:
كل الشكر لك على قراءتك التي أسعدتني وأعتز بها..!
تحياتي وكل عام وأنتم بخير.