الناس والدنيا

لو حنعيش في الدنيا نفكر
وف أحوالها نتوه وندور

مش حنلاقي فيها حقيقه
غير ان ده مكتوب ومقدّر

*****

يا ما في الدنيا حاجات بتلخبط
بتخلي الأفكار تتخبط

وتخلي العاقل يتجنن
لوما يكونشي بدينه متْظبّط

*******

شفت الوش اللي بيضحك لك ؟
صاحبه بتمنى لو ياكلك

أو ينفيك من بعد ما ياخد
مصلحته قبل ما يندهْ لك

*********

والإيد بتسلم وترحب
وصاحبها من خيرك يسحب

وانت ف نظره عبيط غلبان
تعطي له ما بيبطل يسحب

*******

إذا جات لك مشكلة تلقاه
وكأن حلولها وياه

وقت الجد تنادي عليه
يصبح أطرش يا ولاداه


********

هو الأطرش ممكن يسمع
ولاّ النفْعِي ممكن ينفع

سلم أمرك ، واحمد ربك
إنك عايش للخير تزرع

************

مما ينسب إلى الفاروق سيدنا عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) قوله : " من خدعنا بالحق خُدعنا"
وقد تصح هذه الكلمة هنا أمام هذه القصيدة التي تخدع القاريء خداعا فنيا حين تبدأ بداية يظن المتلقي أنها ستنتهي بالدعوة إلى التمرد على ما في الحياة من أوضاع يصعب تغييرها ، أو عادات تحتاج قرونا للتغلب عليها ، أو سلوكيات يصبع علاجها نوعا من المرض المزمن .
بيد أن النهاية تأتي على غير المتوقع ؛ منفوحة بشذا الإيمان ، منفوحة بعطر التسليم للقضاء والقدر .
ومن المعتاد تقريبا – في الشعر العامي – التمرد المباح وقد سلكت الشاعرة هذا المسلك بوعي فني تلقائي ، بيد أنها جاءت بما شبه المفاجأة غير المتوقعة حين عزفت برقة على وتر اليقين بأن الخير هو المنتصر ، وهو الباقي .

واحنا مهما نقاسى همومها


بنعيش بكرة ونرضى بيومها


مش بإدينا نغير سيرها


بس علينا نحس بخيرها


ونقول دايما عن تفسيرها


الدنيا دى أحسن من غيرها

هذا المقطع وحده كان كافيا في الدلالة على المقصود ، وكفيلا بتقديم الإقناع الوجداني لما يجب أن يتحلى به الإنسان في حياته ، وما يجب أن يتخلى عنه .
فالتحلية – كما يقول العارفون – تقتضي التخلية .
وهذا ما أحسب الشاعرة وصلت إليه بطريق غير مباشر ؛ فلم تأت موعظتها مباشرة ، ولم تنصب من نفسها آمرة بالمعروف أو ناهية عن المنكر ، بل سلكت مسلك الشاعر البارع حين يتسعرض بعضا من صور الحياة ؛ ليضعها – من خلال نقله إياها عبر خياله ووجدانه – وكأنه يقول للمتلقي : هذه هي الحياة بما فيها ؛ فماذا أنت فاعل ؟
والمقطع الأخير ليس دعوة إلى التمسك بالخير ، والحض عليه فحسب ، بل هو أيضا تعبير جمعي عما يحمله الطيبون من تفاؤل وحرص على تدفق الخير بين الناس .
سلمك ربي أستاذتي الشاعرة المبدعة
عزة الزرقاني
وحفظ عليك نقاء فكرك ، وصفاء قريحتك .
لك العرفان والامتنان .