ذِكْراكَ لاحتْ فَلاحَ البِشْرُ يا عُمَرُ
والكونُ في ساحةِ الأحزانِ يُعْتَصَرُ
يشكو لَظَى أَزْمُنٍ ضمَّت هزائمنا
ساعاتها من دُجَى الأيام تنحدرُ
ظُلْمٌ .. ظَلامٌ أحاط العُرْبَ في نَهَمٍ
يبغي مواتا لهم والضاد تندثرُ
أرضُ العروبة تدنو في مسيرتها
من الضياع .. فهل يا قوم ذا قدَرُ ؟ !
في كل وادٍ نرى أشلاءَ أُمتنا
فوق الرماح بدرب الذل تنتثرُ
من حالنا تستحي منَّا ملامحُنا
و الرملُ عاتبنا والبحر والشجرُ
صرنا ضعافا .. فقدنا شطر عزتنا
ما عاد فينا قوًى تُبلَى و تُخْتَبرُ
مأساتنا كمَّمَت بالصمت ألسنةً
لولا مخافةُ قتْلِ النفس تنتحرُ
سالت دمانا على جرحٍ يعاندنا
لما عشقنا الكَرى واستفحل الضررُ
جاءت إلينا على استحياء أنَّتِهَا
تشكو و من حرِِّها الأرواحُ تنصهرُ
نادت بأدمعها قومٍ يراودهم
حلمُ التوحُّد كي يُستأصل الخطرُ
: هيا أفيقوا لدرْءِ الظُّلم عن سُبُلٍ
تاقت مسالكها شوقا لمن عبروا
أبناءُ عمٍّ لنا بالقدس تحصدهم
أحقاد صهيونَ لا تبقي ولا تذرُ
ياسينُ من بعده عبدُ العزيز رقى
نحو الشهادة فازدانت به السِيَرُ
رام العدوُ بقتل الرمز ميتتنا
لتستكين له الأبدان والفِكَرُ
في غزة نُصبت أهوال حقدهم
وأطلقوا بغيهم فاستُشْهِد الحجرُ
بغداد شبَّت بها نيران شرذمة
بالحق قد كفرت .. بالزيف تأتمرُ
يأجوجُ في دجلةٍ أبدت مخالبها
وبالفرات نرى مأجوجَ تنتشرُ
من كل صوب أراهم ينسلون وما
صُدُّوا فعادوا لخلف السد واندحروا
عاثوا فسادا بأرض الرافدين ضُحىً
دكُّوا معالمها كي لا يُرى أثرُ
بنت الرشيد التي كانت مآذنها
محراب علمٍ تغشِّي وجهه الدررُ
أمست دمارا كما لو أن سيرتها
زُفَّت لكرب البلا إذ جاءها التترُ
والناس صُمٌّ فلا قول ينبههم
عُمْي وبكمُ فلا حسُ ولا خبرُ
فالسيف في غمده نامت بسالته
وما استفاقت لعل الغمد ينكسرُ
ماء البطولة يسري في ترائبنا
ما باله عن ضفاف العز ينحسرُ ؟!
قلنا : سنأوي إلى أمن يخلصنا
من قوس بَغْيٍ مداه السهم والوترُ
جاء الجواب لنا يهوي كصاعقة :
في مجلس الأمن أمن العرب يُحتقرُ!
شيخ الجهاد أيا مختار معذرة
فالخطب في أمتي كالنار يستعرُ
عذرا إذا أٌحرقت منا مدامعنا
قبل الخدود لموت العُرْب يا عمرُ
يا قائدا في سماء العز سيرته
تزهو وما فاقها شمس ولا قمرُ
صقر تُجلجل في الأجواء صيحتُه
والبوم من عمقها تخفى وتستترُ
أذهلت " روما " بجند الحق إذ وثبوا
وثب الأسود على الطغيان فانتصروا
شتَّتَّ شمل العدا ، أرهبت عدته
رغم القليل إذا ما قدَّر البصرُ
أرهقت جيشا عنيدا رغم كثرته
والبيد تشهد والتاريخ ما سطروا
نجمٌ به يَعْرُبٌ أضواؤها سطعت
مَجْدٌ به صفحة الأمجاد تزدهرُ
قالوا : يموت ليمحى ومض ثورته
ويُستطاب لنا من بعده السَّمَرُ
نحيا على أرضه والأمن خيمتنا
ويستضيف خطانا دربه الوعرُ
جاء الجواب إليهم منك زلزلة
مرحى بموت به الإذعان ينفطرُ
علَّمتنا في الفدا درسا نعلِّمه ال
أجيال فهو على الأيام يُدَّكَرُ
أنت الإمامُ الذي من كأسه شُربتْ
قُوى العزيمةِ شهدا ما بها سَكَرُ
ليث ومن خلفه أشبال ثورته
كروا بعزم فهاجت منهم الحُمُرُ
قوم توشَّح بالأمجاد ذكرهمُ
من صفحة الخلد والتاريخ ما بُتِرُوا
نعم الرجال رجال بايعوا وطنا
على الجهاد .. و نعم الخلد أن ذكروا
باعوا نعيم الهوى .. باعوا وقد ربحوا
كي تشتريهم جنان الخلد والنَّهَرُ
واستخرجوا من دجى الأتراح فرحتهم
فَجْرا ضياه على الأكوان ينهمرُ
صاغوا بعزمٍ رصاصا من دمائهم
ومن عهود الفدا الدانات وابتكروا
هبوا ونصب عيون الجمع مبدؤهم
نعم الشهادة ما يحيا به البشرُ
إما حياة بعز في مرابعنا
أو ميتة في سبيل الله تُنتظرُ
كي يُحْتَوى في رُبَى الفردوس مجمعنا
والله يرحمنا والذنب يُغتفرُ
لا بالعتاد ولكن بالتقى رفعت
رايات نصر به الأيام تفتخرُ
فالله ينصر جند الحق إذ هرعوا
نحو الجهاد وإن الله مقْتدرُ
يا أيها الثائر الليبي : أمتنا
لمثل رهطك يا مختار تفتقرُ
فيا سَمِيَّ الذي بالعدل مُتَّسِمٌ
وبالحجا و التقى و العزم مشتهرُ
إبليس يرهبه والسيف يعرفه
فاروق نهج به الأعداء قد غبروا
قل للذين أتوا يبغون ثروتنا
وقادهم للدمار الكاذب الأشِرُ
يا رافعين لواء الظلم إنَّ غدا
آت بفجر انبلاج الحق فانتظروا
شتان بين ضلال فتَّ هِمتنا
وبين حق به تُسْتَلْهم العِبَرُ
فالحق سيف إذا تعلو مضاربُه
هامَ الضلالِ فقبل الضرب تنشطرُ.
شيخ الجهاد أضعنا مجدنا هَدَرا
لما دعانا إلى التطبيع مؤتمرُ
نبكي .. ندين .. و نحيا من معونتهم
حتى غدونا على الآهات نقتصرُ
والآن لاحت مع التذكار بارقةٌ
تُذْكي لهيبَ القُوَى والصمتُ ينفجرُ
فسحب ثورتنا أبدت سحائبها
والغيث في البدء قطْرٌ ثمَّ ينهمرُ
الزهيرى