هذا أنا

الصدفة
من منا لم تلعب معه الصدفة دورا رئيسيا فى حياته ؟
فبالصدفة جئنا إلى هذه الأرض و سوف نخرج منها أيضا بالصدفة
و الصدفة في حياتي أثرت تأثيرا مهما على مجرى و سير هذه الحياة فما كنت
أصدق أن أكون شاعرا و أنا فى مقتبل العمر و أنا الشاب الريفي الذى برع فى
كرة السلة و كنت قائدًا للفريق الذي يمثل معهد المعلمين بدمنهور في عام
1985 م و لاعبا بنادي النصر بدمنهور و كان يلعب في الدرجة الثانية آنذاك
بدوري السلة المصري و كنت لاعبا بمنتخب المرحلة الثانوية لمحافظة البحيرة
في ذلك الوقت و كان أكبر حلم بالنسبة لي أن أكون لاعبا فى نادي الإتحاد
السكندري لكرة السلة فهو النادي الأشهر في هذه اللعبة في مصر و لكن تأتي
الرياح بما لا تشتهي السفن و رب ضارة نافعة و أثر تعرضي لإصابة في الركبة
اليسرى عبارة عن إرتشاح بها ثم الغضروف و تمت إجراء أكثر من عملية بالركبة
اليسرى فتحول اهتمامي إلى الشعر تدريجيا و في أثناء دراستي بكلية التربية
بالإسكندرية قسم اللغة العربية اشتهرت كشاعر بين الزملاء فكانت شهادة
ميلادي كشاعر من خلال الجامعة و ربما هذه الإصابة حولت مجرى حياتي من
الدخول فى كلية التربية الرياضية بالإسكندرية إلى التربية العامة قسم
اللغة العربية

جوائز الدولة
***
بقلم / عاطف الجندي
جميل أن يجد المبدع من يقدره من خلال جوائز أدبية أو غيرها من صنوف التكريم و الأجمل أن تكون هذه الجوائز عن استحقاق و بعيدة عن شبهة المجاملة و إذا نظرنا إلى الجوائز العربية التى تقدم فى بعض الدول العربية فرغم أنها جوائز مالية كبيرة و المفروض أن تكون بعيدة كل البعد عن الحسابات السياسية أو الأيدولوجية و لكننا للأسف نجدها تقع فى هذا الفخ فجائزة كبيرة مثل أمير الشعراء و أنا ضد هذا المسمى فللشعر أمير واحد نعرفه ولكن أن تسمى الجائزة بهذا الاسم و هى التى تمنح لشباب الشعراء حيث أنها تقتصر على سن معين فكيف يكون اسمها إذا كانت مفتوحة و غير مقيدة بسن ؟! فهو تقليل من الاسم الذي تقلده أحمد شوقي
و نجد أن هناك بعض الحسابات التى لا أدرى كيف تكون بحيث أنك تجد أن من يصل للمراحل النهائية و فى معظم الأحيان ليس بهذا القدر من الشاعرية و التمكن الذى يجعله جديرا بالوصول إلى المراحل النهائية و يا كم رأينا أن هناك شعراء ظلموا من جراء ذلك 0
و هناك جائزة للشعر النبطي و هى بعنوان جائزة شاعر المليون و جوائزها أكبر كثيرا من جائزة أمير الشعراء المخصصة لشعراء الفصيح و كان القائمين على هذه الجوائز يشجعون الإقليمية و اللهجات المحلية بعيدا عن اللغة الواحدة و هى التى تستحق أن تكون فى الصدارة و هى الفصحى و هذا ليس تقليلا من الشعر المحكي بقدر ما هو خوف على اللغة العربية التى تندثر كلما مر يوم جديد و تسير للإنقراض و هذا ليس مبالغة منى و لكن بالنظر لما يحدث فى المدارس الخاصة و العامة من إهمال للغة العربية و أيضا فى القنوات الفضائية من خلال مذيعين لا يجيدون التحدث باللغة العربية ، بل أن هناك قناة او أكثر تتبنى اللغة العامية فى التحدث فقط !
و حتى باقي الجوائز العربية فلها سياساتها و قوانينها و لا يعرف المبدع لماذا لم يفز و ليس له الحق فى الاعتراض على النتيجة !
و الجوائز فى مصر ليست بعيدة عن هذه الشبهات فأكبر جوائز فى مصر تدور فى نفس الفلك من حيث الشللية و من يتفق مع وجهة نظري و توجهي الأدبي فهو من يستحق الجائزة و ربما جاءت الجوائز نتيجة هجوم سابق على الأديان كما حدث مؤخرا أو من يحصل على الجوائز و خاصة التشجيعية لابد أن يرتبط بصلة ما بالقائمين على منح هذه الجوائز 0
فمن تخرج من تحت أيدى المحكمين أثناء الدراسة فهو آمن و من يرتبط بعلاقة صداقة فله نصيب و من ينافق و يجامل فهو كذلك ولهذا بَعُدَ كل الشرفاء و كل من ليس له واسطة بالبلدي عن التقدم لهذه الجوائز لأن النتيجة معروفة مقدما من خلال علاقاتك و ليس من خلال إبداعك و للأسف هذه السياسة تنطبق على تسعين بالمائة من الجوائز فى أى مكان فى مصر حتى و لو كان دكانا يبيع السجائر 0 و هناك نقطة فى غاية الخطورة و هى أن المبدع المشترك فى هذه المسابقات لا يُقدَّر إذا خسر بل يتوارى و ينكر أنه أشترك فيها و ربما زعم بأن هناك من أشترك له في المسابقة بدون علمه فأتمنى أن يحصل كل من يشترك فى هذه المسابقة مثلا على شهادة تقدير فهذا أقل واجب لمن يغامر بسمعته فى مسابقة محفوفة المخاطر و ليست عادلة و في رأيي أن المسابقات سيئة السمعة 0
***

لقد تربيت فى قرية هادئة تسمى قرية الزمام التابعة لمركز حوش عيسى بمحافظة البحيرة ووالدى - رحمه الله - كان فلاحا و قد حصل على قسط من التعليم و لا أزعم بأنني ولدت و فى فمي ملعقة أدبية - إن جاز هذا التعبير - و لم يكن لدي مكتبة
أو كان بمنزلنا مكتبة و لكنى كنت مغرما بقراءة القصص من مكتبة المدرسة و
ما زلت أذكر قصة ( سيف بن ذي يزن و الدابة العجيبة ) و ( الملك أبو لحية ) و غيرها من القصص ، ناهيك عن الحواديت التى كانت تقصها لي أمي و فى المرحلة الإعدادية قرأت لمحمد عبد الحليم عبد الله و إحسان عبد القدوس و نجيب محفوظ و يوسف السباعي و كنت مغرما بالقصص و الروايات فى ذلك الوقت وربما لوجود أقاربي فى القاهرة جعل وسيلة الاتصال هى الخطابات و كنت أتفنن فى كتابة خطابات مغايرة لما سبق كتابته من أساليب تدل على مدى الشوق للأقارب و فى الصف الثالث الإعدادى كتبت قصة وحيدة و فى معهد المعلمين بدمنهور كتبت الشعر
الفصيح و كانت بدايات فقد كنت وقتها نجم كرة السلة فى المعهد و كابتنه و لاعب بمنتخب البحيرة لكرة السلة للمرحلة الثانوية و لاعب بنادي منشية النصر بدمنهور
لفترة بسيطة و كان فى الدرجة الثانية و كان أملى أن ألتحق بنادى الاتحاد السكندري فى السلة فهو بمثابة النادي الأهلى فى كرة القدم و لكن إصابة فى الركبة قد أتت بي لمجال الشعر و ترك السلة و عند دخولى كلية التربية بالإسكندرية
تعرفت على أوزان الشعر و بحوره و من هنا امتلكت أدواتي و أذكر بخير جار لى وكان بمثابة الإستاذ لى فى الشعر و هو حتى قبل دخولى الكلية و هو الأستاذ محمد عبد العزيز قريطم و قد أهديته ديوانى السادس و هو بعنوان ( أنت ِ القصيدة ) و عند دخولي الجيش فى السلوم كانت فرصة للكتابة و كان لقدومي إلى القاهرة و احتكاكي بالوسط الأدبي فى 1997 و الذى أعتبره بدايتى الحقيقية و كانت أول قصيدة هي قصيدة بلاعينيك لن أبحر التى قدمتني للوسط الأدبي و توالت الكتابات و القصائد و هكذا

الشاعر هو ابن ثقافته و ابن قراءاته و يستطيع أن يتحاور مع بيئه او مع عادات و تقاليد مجتمعه لخلق واقع ثقافي يعبر عنه و عن مدى ثقافته و حرفيته الأدبية و فى واقعنا الراهن و انفتاح الثقافة العربية على الثقافة بشكل كبير و للأسف أقصد بذلك من مسألة تقليد الغرب و السعي لتحطيم التابوهات الثلاثة و التى ألخصها في جملة ( يا إلهي الملكة حامل ) فكلمة يا إلهي تعبر عن الدين او التابو الديني و الملكة تعبر عن التابو السياسي و كلمة حامل تعبر عن التابو الجنسي أو الغريزي و قد حاول المقلدون و لا أقول المحدثون التغلغل في هذه المقدسات و تحطيمها و بالتالي الكتابة عنها بوضوح و ربما الملاحظ في ذلك هو تجرأهم على الدين و الدخول لمناطق محظورة و ربما يرجع ذلك لطمعهم في شهرة سريعة فرأينا قصائد و قصص تتجرأ على الذات الإلهية و تهاجم الأديان و كذلك مضى المقلدون فى تحطيم التابو الجنسي و الكتابة التى تسمى كتابة السرير و تناول الموضوعات الخاصة بجرأة تصل إلى حد الوقاحة أما التابو السياسي فمازال البعض يتخوف من الدخول إلى هذه المنطقة المحظورة خوفا من رد فعل الأنظمة السياسية تجاه الكاتب و هذا الخوف جعل معظم ما يسمى بتيار الحداثة يخشى الدخول إلى هذه المنطقة و لابد ان يكون الشاعر هو رقيب نفسه ، فبالرغم من كمية الحرية المتاحة - و لو قليلة - يجب ان يكون المبدع رقيبا على كتاباته فالقصيدة التى أخشى أن تقرأها أختى أو ابنتى أو والدتي لن أكتبها فالشعر في رأيي هو الجمال المغلف بالدهشة و الذي يجعلنى أقفز فرحا عند كتابة بيت جميل او قراءة قصيدة جميلة حتى و لو كانت لشاعر غيري و انا بدوري متوائم مع ثقافتي العربية و متصالح مع ذاتي فمن هنا كان شعري متصالحا مع معتقداته و مع جميع العرب و متحملا لقضاياهم و مدافعا عنها عن اقتناع تام بالقومية العربية و القضايا و التحديات التى يواجهها العرب
****

الفيس بوك و الإبداع الأدبي
***
بقلم الشاعر عاطف الجندي
لا شك أن الإنترنت قد حول العالم إلى قرية صغيرة و جعل الثقافات تتلاقى و يتعرف بعضها على بعض و من أهم المواقع هو موقع التواصل الاجتماعي ( الفيس بوك ) و الذي يتميز بسهولة التواصل و التواجد فيه يكفل للفرد التعرف على أناس من شتى بقاع المعمورة و تكوين صداقات كثيرة و حقيقة لقد فتح الفيس بوك آفاقا جديدة للانتشار و خاصة للمبدعين ففيه ينشر المبدع عمله و فى أقل من الدقيقة سيجد من يتفاعل مع عمله بالقراءة أو الإعجاب أو النقد و لقد كان فاتحة خير لكثير من المبدعين كما كانت فاتحة حرية للشعوب العربية فمنه انطلقت الثورة المصرية حتى اضطرت الحكومة البائدة إلى قطع وسائل الاتصال كالإنترنت و التليفون عن شعب مصر و تم حجب موقع الفيس بوك فمنه نشر المبدعون قصائدهم الثورية و بالطبع أنا واحد منهم و تم تكريمي في جامعة عين شمس و إطلاق لقب ( الشاعر الثائر ) عليَّ و السبب هو الفيس بوك و لكن ما يؤخذ على المتواجدين فيه هو كم المجاملات الكثيرة جدا فيما يتعلق بالأعمال الأدبية فكل من كتب حرفا – و لو تافها – أصبح بفعل أصدقاء الفيس بوك شاعرا كبيرا أو أديبا لامعا و من هنا يصل الأمر بهذا الشخص إلى الاعتقاد بقدسية عمله و أنه لا يجوز مطلقا نقده في أي مكان و من ثم يذهب لدار نشر و بماله الخاص يقوم بطبع عمله و الذي يتقدم به لأي مكان للعضوية كاتحاد الكتاب مثلا و الذي يرفض عضويته بالطبع لضعف مادته الأدبية و تكون هذه طامة كبرى بالنسبة له و من ثم يصب جام غضبه على من رفض عمله و من هنا يصبح الفيس بوك سلاح ذو حدين ينبغي علينا أن نفهم أن ما عليه سوى مجاملات لا ثمن و لا تغني من جوع 0
القاهرة في 29 سبتمبر 2011